responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البلدان لابن الفقيه المؤلف : ابن الفقيه، أحمد بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 121

كثيب من رمل، يخرج النيل من تحته. و قال بعض الفلاسفة: أقول إنه قد يكون البحر في موضع من بعض المواضع ثم ينضب الماء عنه حتى يصير أرضا يابسة ثم يعود بحرا، و العلّة في ذلك أن قرار الأرض يشبه أجسام الحيوانات و النبات، و أن لها نهاية و غاية بمنزلة الشباب و الهرم ينقص و يزيد، فإذا قربته الشمس حينا طويلا حلّلته فارتفع و جفّ ذلك الموضع، فإذا بعدت الشمس هنة رطب ذلك الموضع و ندي و اجتمعت فيه المياه من الندى و الأمطار، ذكروا أن أرض مصر كانت بحرا، و كذلك جميع الأرض عليها فنضب ذلك الماء قليلا، فجفّت تلك المواضع في مدّة من الزمان، فظهر اليبس و غرس فيه الأشجار و زرع فيه الزرع.

و لما فتحت مصر أتى أهلها عمرو بن العاص حين دخل بوونه، فقالوا: أيّها الأمير لنيلنا هذا سنّة لا يجري إلّا بها، قال: و ما ذاك؟ قالوا: إذا كان لاثنتي عشرة ليلة تخلوا من هذا الشهر عمدنا إلى جارية بكر بين أبويها فأرضيناهما و جعلنا عليها من الحليّ و الحلل و الثياب أفضل ما يكون، ثم ألقيناها في هذا النيل. قال عمرو:

إن هذا أمر لا يكون أبدا في الإسلام، و إن الإسلام يهدم ما قبله، فهمّوا بالجلاء فلمّا رأى ذلك عمرو كتب إلى عمرو بن الخطّاب، فكتب إليه أنك قد أصبت و أني قد بعثت إليك بطاقة في داخل كتابي هذا- يعني رقعة- فألقها في النيل، فلمّا قدم كتاب عمر على عمرو أخذ البطاقة ففتحها، فإذا فيها من عبد اللّه عمر إلى نيل مصر أما بعد: فإن كنت إنما تجري من قبلك فلا تجر، و إن كان اللّه العزيز الغفّار الواحد القهّار هو الذي يجريك فنسأل اللّه الواحد القهّار أن يجريك، فألقى البطاقة في النيل قبل الصليب بيوم، و قد تهيّأ أهل مصر للجلاء لأنهم لا تقوم مصلحتهم إلّا بالنيل، فأصبحوا يوم الصليب و قد أجراه اللّه ستّة عشر ذراعا في ليلة واحدة، و قطع اللّه تلك السنّة عن أهل مصر، و قال ابن الكلبيّ: كتاب عمر إلى نيل هو الطلسم الأكبر.

و من عجائب مصر: حشيشة يقال لها الدقس، يتّخذ منها حبال للسفن، تسمّى تلك الحبال القرقس، يؤخذ من القرقس قطعة فيشعل بين أيديهم كالشمع، ثم يطفي فيمكث سائر الليل، فإذا احتاجوا إليه أخذوا طرفه فأداروه كالمخراق‌

اسم الکتاب : البلدان لابن الفقيه المؤلف : ابن الفقيه، أحمد بن محمد    الجزء : 1  صفحة : 121
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست