responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : آثار البلاد وأخبار العباد المؤلف : زكريّا بن محمّد بن محمود القزويني    الجزء : 1  صفحة : 8

فحدثت المدن والأمصار والقرى والديار. ثمّ إن الملوك الماضية لمّا أرادوا بناء المدن ، أخذوا آراء الحكماء في ذلك ، فالحكماء اختاروا أفضل ناحية في البلاد ، وأفضل مكان في الناحية ، وأعلى منزل في المكان من السواحل والجبال ومهبّ الشمال ، لأنّها تفيد صحّة أبدان أهلها وحسن أمزجتها ، واحترزوا من الآجام والجزائر وأعماق الأرض ، فإنّها تورث كربا وهرما.

واتّخذوا للمدن سورا حصينا مانعا ، وللسور أبوابا عدّة حتى لا يتزاحم الناس بالدخول والخروج ، بل يدخل ويخرج من أقرب باب إليه. واتّخذوا لها قهندزا لمكان ملك المدينة والنادي لاجتماع الناس فيه ، وفي البلاد الإسلامية المساجد والجوامع والأسواق والخانات والحمّامات ، ومراكض الخيل ، ومعاطن الإبل ، ومرابض الغنم ، وتركوا بقيّة مساكنها لدور السكان ، فأكثر ما بناها الملوك العظماء على هذه الهيئة ، فترى أهلها موصوفين بالأمزجة الصحيحة والصور الحسنة والأخلاق الطيّبة ، وأصحاب الآراء الصالحة والعقول الوافرة ، واعتبر ذلك بمن مسكنه لا يكون كذلك مثل الديالم والجيل والأكراد ، والتركمان وسكان البحر في تشويش طباعهم وركاكة عقولهم واختلاف صورهم.

ثمّ اختصّت كلّ مدينة لاختلاف تربتها وهوائها بخاصيّة عجيبة ، وأوجد الحكماء فيها طلسمات غريبة ، ونشأ بها صنف من المعادن والنبات والحيوان لم يوجد في غيرها ، وأحدث بها أهلها عمارات عجيبة ، ونشأ بها أناس فاقوا أمثالهم في العلوم والأخلاق والصناعات ، فلنذكر ما وصل إلينا من خاصيّة بقعة بقعة ، إن شاء الله تعالى.

اسم الکتاب : آثار البلاد وأخبار العباد المؤلف : زكريّا بن محمّد بن محمود القزويني    الجزء : 1  صفحة : 8
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست