بغلته أن تشرب
منه فمنعها. وذكر بشر بن عبد الله أن طاووسا مرّ بالسوق فرأى رؤوسا مشويّة بارزة
الأسنان فلم ينعس تلك الليلة ، وقال إن الله تعالى يقول : تلفح وجوههم النار وهم
فيها كالحون.
وقال منعم بن
ادريس : صلّى طاووس اليماني صلاة الفجر بوضوء العتمة أربعين سنة. توفي سنة ستّ
ومائة بمكّة قبل يوم التروية عن بضع وتسعين سنة.
وكان الناس
يقولون : رحم الله أبا عبد الرحمن ، حجّ أربعين حجّة وصلّى عليه هشام بن عبد الملك
، وهو خليفة حجّ تلك السنة.
ومنها أويس بن
عامر القرني. روى أبو هريرة عن رسول الله ، صلّى الله عليه وسلّم ، أن لله تعالى
من خلقه الأصفياء الأحفياء ، الشعثة شعورهم الغبرة وجوههم الخمصة بطونهم ، الذين
إذا استأذنوا على الأمراء لم يؤذنوا ، وإن خطبوا المنعّمات لم ينكحوا ، وإن غابوا
لم يفتقدوا ، وإن طلعوا لم يفرح بطلعتهم ، وإن مرضوا لم يعادوا ، وإن ماتوا لم
يشهدوا.
قالوا : يا
رسول الله كيف لنا برجل منهم؟ قال : ذاك أويس القرني! قالوا : وما أويس القرني؟
قال : أشهل ذو صهوبة بعيد ما بين الكتفين معتدل القامة ، آدم شديد الأدمة ، ضارب
بذقنه إلى صدره ، رام ببصره إلى موضع سجوده ، واضع بيمينه على شماله ، يتلو القرآن
، يبكي على نفسه ، ذو طمرين لا يؤبه له ، متّزر بإزار صوف ورداء صوف ، مجهول في
أهل الأرض معروف في أهل السماء ، لو أقسم على الله لأبرّ قسمه! الا وان تحت منكبه
الأيسر لمعة بيضاء ، الا وانّه إذا كان يوم القيامة قيل للعباد : ادخلوا الجنّة ،
وقيل لأويس : قف واشفع! يشفّعه الله ، عزّ وجلّ ، في مثل عدد ربيعة ومضر. يا عمر
ويا عليّ إذا أنتما لقيتماه فاطلبا إليه أن يستغفر لكما. فكانا يطلبانه عشرين سنة
، فلمّا كان سنة هلك فيها عمر قام على أبي قبيس ونادى بأعلى صوته : يا أهل الحجيج
من اليمن ، أفيكم أويس؟ فقام شيخ كبير وقال : إنّا لا ندري ما أويس ، لكن لي ابن
أخ يقال له أويس ، هو أخمل ذكرا وأقلّ