هذا هو هشام بن محمّد بن السائب الكلبيّ،مدرسة علميّة واسعة الأبواب،مشرّعة المداخل؛فهو الحجّة في كلّ فن،و هو الصّدر لكل وارد.
فهو العالم و المؤرخ و النّسابة و اللّغويّ.فما من كتاب في تاريخ العرب و الإسلام إلاّ و لهشام فيه قدح معلّى،و ما من علم من علوم عصره إلاّ و له فيه باع طويل،فالطبريّ و البلاذريّ و المسعوديّ و أضرابهم،يعتمدون عليه،و ينقلون عنه.
و حسبك أنّ كتابا كتاريخ الأمم و الملوك للطبريّ لا يلتقط أخبار هشام ابن الكلبيّ و رواياته حسب،بل أنّ تاريخ العرب قبل الاسلام فيه اكثره من أقوال هشام بن الكلبيّ،و في الأخص القسم العراقيّ منه حيث ينفرد فيه ابن الكلبي بالرّواية [3].
و من يمعن النظر في كتب الأنساب يجدها عيّالة عليه،آخذة منه، حتّى أن بعضها لا يعدو أن يكون نسخة مقتضبة لجمهرة النّسب.
فهذا كتاب جمهرة أنساب العرب لابن حزم الأندلسيّ المتوفى سنة 456 ه،و هو على جلال قدره،و بيان شأنه،و علو مكانه،ليس سوى جمهرة النّسب مع حذف و إضافة.