responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : يتيمه الدهر المؤلف : الثعالبي، أبو منصور    الجزء : 3  صفحة : 222
الدولة واحتقاده عَلَيْهِ لِأَشْيَاء كَثِيرَة فِي أَيَّام أَبِيه وَبعدهَا مِنْهَا مِمَّا يلته بختيار وَمِنْهَا ميل القواد إِلَيْهِ بل غلوهم فِي موالاته ومحبته وَمِنْهَا ترفعه عَن التَّوَاضُع لَهُ فِي مكاتباته وَاجْتمعت آراء الْأَخَوَيْنِ على إعتقاله وَأخذ أَمْوَاله
وَلما اعتقل فِي بعض القلاع بدرت مِنْهُ كَلِمَات نمت إِلَى عضد الدولة فزادت فِي استيحاشه مِنْهُ وأنهض من حَضرته من طَالبه بالأموال وعذبه وَمثل بِهِ وَيُقَال إِنَّه سمل إِحْدَى عَيْنَيْهِ قطع أَنفه وجز لحيته فَفِي تِلْكَ الْحَال يَقُول أَبُو الْفَتْح وَقد يئس من نَفسه وأستأذن فِي صَلَاة رَكْعَتَيْنِ فصلاهما ودعا بِدَوَاةٍ وَقِرْطَاس وَكتب
(بدل من صُورَتي المنظر ... لكنه مَا غير الْمخبر)
(وَلست ذَا حزن على فَائت ... لَكِن على من لي يستعبر)
(وواله الْقلب لما مسني ... مستخبر عني وَلَا يخبر)
(فَقل لمن سر بِمَا ساءنا ... لَا بُد أَن يسْلك ذَا الْمعبر) // السَّرِيع //
وَأَخْبرنِي أَبُو جَعْفَر الَّذِي قدمت ذكره وَكَانَ مُخْتَصًّا بِهِ
قَالَ كَانَ أَبُو الْفَتْح قبيل النكبة الَّتِي أَتَت على نَفسه قد أغرى بإنشاد هذَيْن الْبَيْتَيْنِ لَا يجِف لِسَانه من ترديدهما فِي أَكثر أوقاته وأحواله وَلست أَدْرِي أهماله أم لغيره
(دخل الدُّنْيَا أنَاس قبلنَا ... رحلوا عَنْهَا وخلوها لنا)
(فنزلناها كَمَا قد نزلُوا ... ونخليها لقوم بَعدنَا) // الرمل //
فَلَمَّا حصل فِي الإعتقال واستيقن أَن الْقَوْم يُرِيدُونَ دَمه لَا محَالة وَأَنه لَا ينجو مِنْهُم وَإِن بذل مَاله مد يَده إِلَى جيب جُبَّة عَلَيْهِ ففتقه عَن رقْعَة فِيهَا ثَبت مَا لَا يُحْصى من ودائعه وكنوز أَبِيه وذخائره فألقاها فِي كانون نَار بَين يَدَيْهِ وَقَالَ للقائد الْمُوكل بِهِ الْمَأْمُور بقتْله بعد مُطَالبَته اصْنَع مَا أَنْت صانع فوَاللَّه لَا يصل من أَمْوَالِي المستورة إِلَى صَاحبك دِينَار وَاحِد فَمَا زَالَ يعرضه على الْعَذَاب ويمثل

اسم الکتاب : يتيمه الدهر المؤلف : الثعالبي، أبو منصور    الجزء : 3  صفحة : 222
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست