responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عيون الانباء في طبقات الاطباء المؤلف : ابن أبي أصيبعة    الجزء : 1  صفحة : 759
عز الدّين بن السويدي

هُوَ الْحَكِيم الْأَجَل الأوحد الْعَالم أَبُو إِسْحَق إِبْرَاهِيم بن مُحَمَّد من ولد سعد بن معَاذ من الْأَوْس مولده فِي سنة سِتّمائَة بِدِمَشْق وَنَشَأ بهَا وَهُوَ عَلامَة أَوَانه وأوحد زَمَانه
مَجْمُوع الْفَضَائِل كثير الفواضل كريم الْأُبُوَّة عَزِيز الفتوة وافر السخاء حَافظ الإخاء واشتغل بصناعة الطِّبّ حَتَّى أتقنها إتقانا لَا مزِيد عَلَيْهِ
وَلم يصل أحد من أَرْبَابهَا إِلَى مَا وصل إِلَيْهِ
قد حصل كلياتها واشتمل على جزئياتها
وَاجْتمعَ مَعَ أفاضل الْأَطِبَّاء ولازم أكَابِر الْحُكَمَاء وَأخذ مَا عِنْدهم من الْفَوَائِد الطبية والأسرار الْحكمِيَّة
مثل شَيخنَا الْحَكِيم مهذب الدّين عبد الرَّحِيم بن عَليّ وَغَيره
وَقَرَأَ أَيْضا فِي علم الْأَدَب حَتَّى بلغ فِيهِ أَعلَى الرتب
وأتقن الْعَرَبيَّة وبرع فِي الْعُلُوم الأدبية
وشعره فَهُوَ الَّذِي عجز عَنهُ كل شَاعِر وَقصرت عَنهُ الْأَوَائِل والأواخر لما قد حواه من الْأَلْفَاظ الفصيحة والمعاني الصَّحِيحَة والتجنيس الصَّنِيع والتطبيق البديع
فَهُوَ الْجَامِع لأجناس الْعُلُوم الْحَاوِي لأنواع المنثور والمنظوم
وَهُوَ أسْرع النَّاس بديهة فِي قَول الشّعْر وَأَحْسَنهمْ إنشادا
وَلَقَد رَأَيْت مِنْهُ فِي أَوْقَات ينشد شعرًا على البديهة فِي معَان مُخْتَلفَة لَا يقدر عَلَيْهَا أحد سواهُ وَلَا يخْتَص بِهَذَا الْفَنّ إِلَّا إِيَّاه
وَكَانَ أَبوهُ رَحمَه الله تَاجِرًا من السويداء بحوران حسن الْأَخْلَاق طيب الأعراق لطيف الْمقَال جميل الْأَفْعَال
وَكَانَ صديقا لأبي وَبَينهمَا مَوَدَّة أكيدة وصحبة حميدة
وَكنت أَنا وَعز الدّين أَيْضا فِي الْمكتب عِنْد الشَّيْخ أبي بكر الصّقليّ رَحمَه الله فالمودة بَيْننَا من الْقدَم بَاقِيَة على طول الزَّمَان نامية فِي كل حِين وَأَوَان
والحكيم عز الدّين من أجل الْأَطِبَّاء قدرا وأفضلهم ذكرا
وَأعرف مداواة وألطف مداراة وانجع علاجا وأوضح منهاجا
وَلم يزل طَبِيبا فِي البيمارستان النوري يحصل بِهِ للمرضى نِهَايَة الْأَغْرَاض فِي إِزَالَة الْأَمْرَاض وَأفضل المنحة فِي اجتلاب الصِّحَّة
وخدم أَيْضا فِي البيمارستان بِبَاب الْبَرِيد وَتردد إِلَى قلعة دمشق وَكَانَ مدرس الدخوارية
وَكَانَ لَهُ جامكية فِي هَذِه الْأَرْبَع جِهَات
وَكتب عز الدّين بِخَطِّهِ كتبا كَثِيرَة جدا فِي الطِّبّ وَغَيره فَمِنْهَا خطّ مَنْسُوب طَريقَة أبن البواب وَمِنْهَا خطّ يشابه مولد الْكُوفِي وكل وَاحِد من خطيه فَهُوَ أبهى من الأنجم الزواهر وأزهى من فاخر الْجَوَاهِر وَأحسن من الرياض المونقة وأنور من الشَّمْس المشرقة
وَحكى لي أَنه كتب ثَلَاث نسخ من كتاب القانون لِابْنِ سينا
وَلما كَانَ فِي سنة اثْنَتَيْنِ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة وصل إِلَى دمشق تَاجر من بِلَاد الْعَجم وَمَعَهُ نُسْخَة من شرح ابْن أبي صَادِق لكتاب مَنَافِع الْأَعْضَاء لِجَالِينُوسَ وَهِي صَحِيحَة معقولة من خطّ المُصَنّف وَلم يكن قبل ذَلِك مِنْهَا نُسْخَة فِي الشَّام فحملها أبي فَكتب إِلَيْهِ عز الدّين بن السويدي قصيدة مديحا فمما على خاطري مِنْهَا يَقُول

اسم الکتاب : عيون الانباء في طبقات الاطباء المؤلف : ابن أبي أصيبعة    الجزء : 1  صفحة : 759
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست