responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : عيون الانباء في طبقات الاطباء المؤلف : ابن أبي أصيبعة    الجزء : 1  صفحة : 132
وَقَالَ كَانَ الْأَطِبَّاء يُقِيمُونَ أنفسهم مقَام الْأُمَرَاء
والمرضى مقَام المأمورين الَّذين لَا يتعدون مَا حد لَهُم فَكَانَ الطِّبّ فِي أيامهم أنجع فَلَمَّا حَال الْأَمر فِي زَمَاننَا فَصَارَ العليل بِمَنْزِلَة الْأَمِير والطبيب بِمَنْزِلَة الْمَأْمُور وخدم الْأَطِبَّاء رضَا الإعلاء وَتركُوا خدمَة أبدانهم فَقل الِانْتِفَاع بهم
وَقَالَ أَيْضا كَانَ النَّاس قَدِيما يَجْتَمعُونَ على الشَّرَاب والغناء فيتفاضلون فِي ذكر مَا تعمله الْأَشْرِبَة فِي الأمزجة والألحان فِي قُوَّة الْغَضَب وَمَا يرد كل وَاحِد منهامن أَنْوَاعه وهم الْيَوْم إِذا اجْتَمعُوا فَإِنَّمَا يتفاضلون بِعظم الأقداح الَّتِي يشربونها
وَقَالَ من عود من صباه الْقَصْد فِي التَّدْبِير كَانَت حركات شهواته معتدلة فَأَما من اعْتَادَ أَن لَا يمْنَع شهواته مُنْذُ صباه وَلَا يمْنَع نَفسه شَيْئا مِمَّا تَدعُوهُ إِلَيْهِ فَذَلِك يبْقى شَرها
وَذَلِكَ عَن كل شَيْء يكثر الرياضة فِي الْأَعْمَال الَّتِي تخصه يقوى وكل شَيْء يسْتَعْمل السّكُون يضعف
وَقَالَ من كَانَ من الصّبيان شَرها شَدِيد القحة فَلَا يَنْبَغِي أَن يطْمع فِي صَلَاحه الْبَتَّةَ وَمن كَانَ مِنْهُم شَرها وَلم يكن وقحا فَلَا يَنْبَغِي أَن يؤيس من صَلَاحه وَيقدر أَنه إِن تأدب يكون إنْسَانا عفيفا
وَقَالَ الْحيَاء خوف المستحي من نقص يَقع بِهِ عِنْد من هُوَ أفضل مِنْهُ
وَقَالَ يتهيأ للْإنْسَان أَن يصلح أخلاقه إِذا عرف نَفسه فَإِن معرفَة الْإِنْسَان نَفسه هِيَ الْحِكْمَة الْعُظْمَى وَذَلِكَ أَن الْإِنْسَان لإفراط محبته لنَفسِهِ بالطبع يظنّ بهَا من الْجَمِيل مَا لَيست عَلَيْهِ
حَتَّى أَن قوما يظنون بِأَنْفسِهِم أَنهم شجعاء وكرماء وَلَيْسوا كَذَلِك
فَأَما الْعقل فيكاد أَن يكون النَّاس كلهم يظنون بِأَنْفسِهِم التَّقَدُّم فِيهِ وَأقرب النَّاس إِلَى أَن يظنّ ذَلِك بِنَفسِهِ أقلهم عقلا
وَقَالَ الْعَادِل من قدر على أَن يجور فَلم يفعل والعاقل من عرف كل وَاحِد من الْأَشْيَاء الَّتِي فِي طبيعة الْإِنْسَان مَعْرفَتهَا على الْحَقِيقَة
وَقَالَ الْعجب ظن الْإِنْسَان بِنَفسِهِ أَنه على الْحَال الَّتِي تحب نَفسه أَن يكون عَلَيْهَا من غير أَن يكون عَلَيْهَا
وَقَالَ كَمَا أَن من ساءت حَال بدنه من مرض بِهِ وَهُوَ ابْن خمسين سنة لَيْسَ يستسلم وَيتْرك بدنه حَتَّى يفْسد ضيَاعًا بل يلْتَمس أَن يَصح بدنه وَإِن لم يفده صِحَة تَامَّة كَذَلِك يَنْبَغِي لنا أَن لَا نمتنع من أَن نزيد أَنْفُسنَا صِحَة على صِحَّتهَا وفضيلة على فضيلتها وَإِن كُنَّا لَا نقدر أَن نلحقها بفضيلة نفس الْحَكِيم
وَقَالَ يتهيأ للْإنْسَان أَن يسلم من أَن يظنّ بِنَفسِهِ أَنه أَعقل النَّاس إِذا قلد غَيره امتحان كل مَا يَفْعَله فِي كل يَوْم وتعريفه صَوَاب فعله من خطئه ليستعمل الْجَمِيل ويطرح الْقَبِيح
وَرَأى رجلا تعظمه الْمُلُوك لشدَّة جِسْمه فَسَأَلَ عَن أعظم مَا فعله فَقَالُوا أَنه حمل ثورا

اسم الکتاب : عيون الانباء في طبقات الاطباء المؤلف : ابن أبي أصيبعة    الجزء : 1  صفحة : 132
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست