responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : تاريخ بغداد وذيوله - ط العلميه المؤلف : الخطيب البغدادي    الجزء : 1  صفحة : 131
هلال الصابي في سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة، إذ دخل عليه أحد التجار الذين كانوا يغشونه ويخدمونه. فقال له في عرض حديث حدثه به: قال لي أحد التجار إن ببغداد اليوم ثلاثة آلاف حمام. فقال له جدي: سبحان الله: هذا سدس ما كنا عددناه وحصرناه. فقال له: كيف ذاك؟ فقال جدي: أذكر وقد كتب ركن الدولة أَبُو عَلِيٍّ الْحَسَن بْن بويه إِلَى الوزير أَبِي مُحَمَّد المهلبي بما قَالَ فيه: ذكر لنا كثرة المساجد والحمامات ببغداد، واختلفت علينا فيها الأقاويل، وأحببنا أن نعرفها على حقيقة وتحصيل، فتعرفنا الصحيح من ذلك. قَالَ جدي: وأعطاني أَبُو مُحَمَّد الكتاب. وَقَالَ لي: امض إِلَى الأمير معز الدولة فأعرضه عليه واستأذنه فيه، ففعلت. فقال له الأمير:
استعلم ذلك وعرفنيه؛ فتقدم أَبُو مُحَمَّد المهلبي إِلَى أَبِي الْحَسَن البادغجي [1]- وهو صاحب المعونة- بعد المساجد والحمامات. قَالَ جدي: فأما المساجد فلا أذكر ما قيل فيها كثرة، أما الحمامات فكانت بضعة عشر ألف حمام. وعدت إِلَى معز الدولة وعرفته ذلك. فقال: اكتبوا في الحمّامات بأنها أربعة آلاف، واستدللنا من قوله على إشفاقه وحسده أباه على بلد هذا عظمه وكبره. وأخذ أَبُو مُحَمَّد وأخذنا نتعجب من كون الحمامات هذا القدر، وقد أحصيت في أيام المقتدر بالله فكانت سبعة وعشرين ألف حمام، وليس بين الوقتين من التباعد ما يقتضي هذا التفاوت. قَالَ هلال: وقيل: إنها كانت في أيام عضد الدولة خمسة آلاف حمام وكسرا [2] .
قال الشيخ أبو بكر: لم يكن ببغداد في الدنيا نظير في جلالة قدرها، وفخامة أمرها، وكثرة علمائها وأعلامها، وتميز خواصها وعوامها، وعظم أقطارها وسعة أطرارها [3] . وكثرة دورها ومنازلها، ودروبها وشعوبها، ومحالها وأسواقها، وسككها وأزقتها، ومساجدها وحماماتها، وطرزها وخاناتها، وطيب هوائها، وعذوبة مائها، وبرد ظلالها وأفيائها، واعتدال صيفها وشتائها، وصحة ربيعها وخريفها، وزيادة ما حصر من عدة سكانها. وأكثر ما كانت عمارة وأهلا في أيام الرشيد، إذ الدنيا قارة المضاجع، ودارة المراضع، خصيبة المراتع، مورودة المشارع. ثم حدثت بها الفتن، وتتابعت على أهلها المحن، فخرب عمرانها، وانتقل قطانها؛ إلا أنها كانت

[1] في مطبوعة باريس: «البازغجي» .
[2] انظر الخبر في: المنتظم 8/82.
[3] في الأصل: «أطرازها» وما أثبتناه من مطبوعة باريس، وهو الموافق للمعنى. والأطرار: جمع طر، وهو شفير النهر والوادي، وطرف كل شيء وحرفه.
اسم الکتاب : تاريخ بغداد وذيوله - ط العلميه المؤلف : الخطيب البغدادي    الجزء : 1  صفحة : 131
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست