responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المرقبه العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا تاريخ قضاه الاندلس المؤلف : النباهي    الجزء : 1  صفحة : 92
بِهِ، بلقين بن باديس، للوزير القَاضِي أبي عبد الله مُحَمَّد بن الْحسن سلمه الله {واعتقد بِهِ إِقْرَاره على خطة الْقَضَاء والوزارة، فِي جَمِيع كورة رية، وَأَن يجْرِي من الترفيع بِهِ، وَالْإِكْرَام لَهُ إِلَى أقْصَى غَايَة، وَأَن يجرى على الْجِزْيَة فِي جَمِيع أملاكه بكورة رية حاضرتها وباديتها، الموروثة مِنْهَا، والمكتسبة الْقَدِيمَة الِاكْتِسَاب والحديثة، وَمَا ابْتَاعَ مِنْهَا من العالي رَحمَه الله} وَغَيره، لَا يلْزمهَا وَظِيفَة بِوَجْه، وَلَا يُكَلف عَنْهَا كلفة على حَال، وَأَن يجرى فِي قرَابَته، وخوله، وحاشيته، وعامرى ضيَاعه، على الْمُحَافظَة وَالْبر وَالْحريَّة وَأقسم على ذَلِك كُله بلقين بن باديس بِاللَّه الْعَظِيم وَبِالْقُرْآنِ الْحَكِيم. وَأشْهد الله على نَفسه وعَلى الْتِزَامه لَهُ، وَكفى بِاللَّه شَهِيدا! وَكتب بِخَط يَده فِي مستهل شهر رَمَضَان سنة 449. وَالله الْمُسْتَعَان. واستمرت إِمَارَة بلقين بمالقة إِلَى عَام 456؛ فَتوفي بهَا من وجع أَصَابَهُ. وعادت الْمَدِينَة إِلَى مَا كَانَت عَلَيْهِ من إيالة المظفر وَالِده؛ فَزَاد ابْن الْحسن أَثَرَة إِلَى أثرته، وَعرض عَلَيْهِ قَضَاء حَضرته؛ ورام نقلته من عَادَته فِي ترك الجراية المتعارفة لأمثاله من الْقُضَاة؛ فَثَبت على حَالَته، وَلم يَأْخُذ على الْقَضَاء رزقا من بَيت المَال مُدَّة حَيَاته. وَكَانَ عَن التعال بالمرتب فِي غناء، لِكَثْرَة مَاله، وَلما تقدم من إرفاقه بتحرير أملاكه؛ وَكَانَت من الْكَثْرَة بِحَيْثُ ناهز أَمْلَاك صَاحبه القَاضِي بإشبيلية، إِسْمَاعِيل نب مُحَمَّد بن عباد؛ وَرُبمَا زَاد خَارجه، وَلَا سِيمَا فِيمَا يرجع إِلَى النَّفَقَات وَالصَّدقَات: فَإِنَّهُ كَانَ يصنع الدَّعْوَات الواسعة، ويحضرها شُيُوخ وقته من الْفُقَهَاء والأماثل: فيوليهم إِكْرَاما، ويوسعهم إطعاماً. وَكَانَ فِي كل رَمَضَان يحذو حَذْو صهره القَاضِي بقرطبة أَحْمد بن زِيَاد؛ فيدعو بدار لَهُ، تجاور الْمَسْجِد عشرَة من الْفُقَهَاء، فِي طَائِفَة من وُجُوه النَّاس، يفطرون كل لَيْلَة عِنْده، ويتدارسون كتاب الله بَينهم، ويتلونه. وَكَانَ يذهب مَذْهَب الْعَبَّاس بن عِيسَى، أحد أَشْيَاخ أبي مُحَمَّد ابْن أبي زيد، أَن يَنْوِي الْإِنْسَان فِي كل تطوع وَصِيَّة يُوصي بهَا، وَصدقَة برد التَّبعَات المحصولة، لِأَن ردهَا أوجب من التَّطَوُّع؛ وَكَذَلِكَ فِي الصَّلَوَات: إِذا أحب أَن يتَنَفَّل، صلى صَلَاة يَوْم، وَنوى بهَا الْخمس تكون قَضَاء عَمَّا لَا يدْرِي أَنه فرط فِيهِ أَو فسد عَلَيْهِ. وَكَانَ فِي قَضَائِهِ مَاضِيا، مهيباً، صَلِيب الْقَنَاة، قَلِيل المداراة فِي الْحق، لَا يقْضِي على هناة، وَلَا يخَاف لومة لائم.

اسم الکتاب : المرقبه العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا تاريخ قضاه الاندلس المؤلف : النباهي    الجزء : 1  صفحة : 92
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست