responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المرقبه العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا تاريخ قضاه الاندلس المؤلف : النباهي    الجزء : 1  صفحة : 67
وَإِن الْجَلِيل تَعَالَى فِي إسمائه، وتقدس بصفاته وأسمائه {أَمر كليمه مُوسَى صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وعَلى جَمِيع أنبيائه} أَن يذكر قومه بأيام الله عِنْدهم؛ وَفِيه وفى رَسُول الله مُحَمَّد صلى الله عَلَيْهِ وَسلم {أُسْوَة حَسَنَة} وَإِنِّي أذكركم بأيام الله عنْدكُمْ، وتلافيه لكم بخلافة أَمِير الْمُؤمنِينَ، الَّتِي لمت شعثكم، بعد أَن كُنْتُم قَلِيلا، فكثركم؛ ومستضعفين، فقواكم؛ ومستذلين، فنصركم {ولاه الله رعايتكم، وَأسْندَ إِلَيْهِ إمامتكم، أَيَّام ضربت الْفِتْنَة سرادقها على الْآفَاق، وأحاطت بكم شعل النِّفَاق، حَتَّى صرتم فِي مثل حدقة الْبَعِير، بِضيق الْحَال ونكد الْعَيْش والتقتير} فاستبدلتم بخلافته من الشدَّة بالرخاء، وانتقلتم بيمن سياسته إِلَى تمهيد الْعَافِيَة بعد استيطان الْبلَاء. أنْشدكُمْ الله معاشر الْمَلأ {ألم تكن الدِّمَاء مسفوكة؟ فحنقها} والسبل مخوفة؟ فَأَمَّنَهَا {وَالْأَمْوَال منتهبة؟ فأحرزها وحصنها} ألم تكن الْبِلَاد خراباً؟ فعمرها {وثغور الْمُسلمين مهتضمة؟ فحماها وزهرها} فاذكروا آلَاء الله عَلَيْكُم بخلافته، وتأليفه جمع كلمتكم بعد افتراقها بإمامته، حَتَّى أذهب الله غيظكم، وشفى صدوركم، وصرتم يدا على عَدوكُمْ بعد أَن كَانَ باسكم بَيْنكُم {ناشدكم الله} ألم تكن خِلَافَته قيد الْخلَافَة بعد انطلاقها من عقالها؟ ألم يتلاف صَلَاح الْأُمُور بِنَفسِهِ بعد اضْطِرَاب أحوالها، وَلم يكل ذَلِك إِلَى القواد والاجناد؟ حَتَّى بَاشرهُ بالمهجة وَالْأَوْلَاد، وَاعْتَزل النسوان وهجر الأوطان، ورفض الدعة وَهِي محبوبة، وَترك الركون إِلَى الرَّاحَة وَهِي مَطْلُوبَة، بطوية صَحِيحَة، وعزيمة صَرِيحَة، وبصيرة نَافِذَة ثاقبة، وريح هابة غالبة، ونصرة من الله وَاقعَة وَاجِبَة، وسلطان قاهر، وجد ظَاهر، وسيفٍ مَنْصُور، تَحت عدل منشور، متحملاً للنصب، مُسْتَقْبلا لما نابه فِي جَانب الله من التَّعَب، حَتَّى لانت الْأَحْوَال بعد شدتها، وانكسرت شَوْكَة الْفِتْنَة عِنْد حدتها، وَلم يبْق لَهَا غارب إِلَّا جُبَّة، وَلَا نجم لأَهْلهَا قرن إِلَّا جده! فأصبحتم بِنِعْمَة الله إخْوَانًا، وبلم أَمِير الْمُؤمنِينَ لشعثكم على أعدائكم أعواناً، حَتَّى تَوَاتَرَتْ لديكم الفتوحات، وَفتح الله عَلَيْكُم بخلافته أَبْوَاب البركات، وَصَارَت وُفُود الرّوم وافدة عَلَيْهِ وَعَلَيْكُم، وآمال الأقصين والأدنين مستخدمة إِلَيْهِ وإليكم، يأْتونَ من كل فج عميق، وبلد سحيق، لأخذ حَبل مِنْهُ ومنكم جملَة وتفصيلاً، ليقضى الله أمرا كَانَ مَفْعُولا، وَلنْ يخلف الله

اسم الکتاب : المرقبه العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا تاريخ قضاه الاندلس المؤلف : النباهي    الجزء : 1  صفحة : 67
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست