responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المرقبه العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا تاريخ قضاه الاندلس المؤلف : النباهي    الجزء : 1  صفحة : 2
الْبَاب الأول فِي الْقَضَاء وَمَا ضارعه

فصل
لفظ الْقَضَاء يَأْتِي فِي اللُّغَة على أنحاء مرجعها إِلَى انْقِطَاع الشَّيْء وَتَمَامه. يُقَال: قضى الْحَاكِم إِذا فصل فِي الحكم؛ وَقضى دينه أَي قطع مَا لغريمه قبله بالاداء؛ وقضيت الشَّيْء أحكمت عمله؛ وَمِنْه قَوْله تَعَالَى: " إِذا قضى أمرا " أَي أحكمه وأنفذه. وخطة الْقَضَاء فِي نَفسهَا عِنْد الكافة من أَسْنَى الخطط؛ فَإِن الله تَعَالَى قد رفع دَرَجَة الْحُكَّام، وَجعل إِلَيْهِم تصريف أُمُور الْأَنَام، حكمون فِي الدِّمَاء والأبضاع وَالْأَمْوَال، والحلال وَالْحرَام. وَتلك خطة الْأَنْبِيَاء وَمن بعدهمْ من الْخُلَفَاء: فَلَا شرف فِي الدُّنْيَا بعد الْخلَافَة أشرف من الْقَضَاء. وَلأَجل منيف قدره فِي الأقدار، ولسمو خطره فِي الأخطار، اشْترط الْعلمَاء فِي متوليه، من شُرُوط الصِّحَّة والكمال، مَا تقرر فِي كتبهمْ، واستبعد حُصُول مَجْمُوعه الْأَئِمَّة المقتدى بهم. فقد نقل عَن مَالك بن أنس رَحمَه الله {أَنه كَانَ يَقُول فِي الْخِصَال الَّتِي لَا يصلح الْقَضَاء إِلَّا بهَا: لَا أَرَاهَا تَجْتَمِع الْيَوْم فِي أحد؛ فَإِذا اجْتمع مِنْهَا فِي الرجل خصلتان الْعلم والورع، قدم. قَالَ عبد الْملك بن حبيب فِي كِتَابه: وَإِن لم يكن علم، فعقل وورع} فبالعقل يسئل وَبِه تحصل خِصَال الْخَيْر كلهَا؛ وبالورع يعف؛ وَإِن طلب الْعلم وجده؛ وَإِن طلب الْعقل، إِذا لم يكن عِنْده، لم يجده. وَقد قيل: كثير الْعقل مَعَ قَلِيل الْعلم أَنْفَع من كثير الْعلم مَعَ قَلِيل الْعقل. وَلَيْسَ الْعلم بِكَثْرَة الرِّوَايَة وَالْحِفْظ، كَمَا قَالَه ابْن مَسْعُود رَضِي الله عَنهُ {: وَإِنَّمَا الْعلم نور يَضَعهُ الله فِي الْقُلُوب. قَالَ الْمُؤلف أدام الله توفيقه} : وَمن قلد الحكم بَين الْخلق وَالنَّظَر فِي شَيْء من أُمُورهم: فَهُوَ أحْوج النَّاس إِلَى هَذَا النُّور وَإِلَى اتصافه بالتذكير والتيقظ والتفطن. وَلذَلِك كَانَ إِسْمَاعِيل بن إِسْحَاق، قَاضِي الْقُضَاة بِبَغْدَاد، يَقُول: من لم تكن فِيهِ، لم يكن

اسم الکتاب : المرقبه العليا فيمن يستحق القضاء والفتيا تاريخ قضاه الاندلس المؤلف : النباهي    الجزء : 1  صفحة : 2
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست