responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطبقات الكبري للشعراني لوافح الانوار في طبقات الاخيار المؤلف : الشَّعْراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 3
بها الموقنون، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله النور المخزون والسر المصون، اللهم فصل وسلم عليه وعلى سائر الأنبياء والمرسلين وعلى آلهم وصحبهم أجمعين، كلما ذكرك الذاكرون، وغفل عن ذكره الغافلون.
وبعد: فهذا كتاب لخصت فيه طبقات جماعة من الأولياء الذي يقتدي بهم في طريق الله عز وجل من الصحابة والتابعين إلى آخر القرن التاسع وبعض العاشر، ومقصودي بتأليفه فقه طريق القوم في التصوف من آداب المقامات والأحوال لا غير، ولم أذكر من كلامهم إلا عيونه وجواهره دون ما شاركهم غيرهم فيه مما هو مسطور في كتب أئمة الشريعة، وكذلك لا أذكر من أحوالهم في بداياتهم إلا ما كان منشطاً للمريدين كشدة الجوع والسهر ومحبة الخمول وعدم الشهرة، ونحو ذلك أو كان يدل على تعظيم الشريعة دفعاً لمن يتوهم في القوم أنهم رفضوا شيئاً من الشريعة حين تصوفوا كما صرح به ابن الجوزي في الغزالي بل في حق الجنيد، والشبلي، فقال في حقهم: ولعمري لقد طوى هؤلاء بساط الشريعة طياً، فيا ليتهم لم يتصوفوا.
قلت: وكذلك قال لي جماعة من أهل عصري حين اجتمعت بالفقراء واشتغلت بطريقهم: وهذا الذي التزمته من ذكر عيون كلامهم فقط ما أظن أن أحداً ممن ألف في طبقاتهم التزمه إنما يذكرون عنهم كل ما يجدونه من كلامهم، وأحوالهم، ولا يفرقون بين ما قالوه: أو وقع منهم في حال البداية، ولا بين ما وقع منهم في حال التوسط والنهاية، ومن فوائد تخصيص عيون كلامهم بالذكر تقريب الطريق على من صح له الاعتقاد فيهم، وأخذ كلامهم بالقبول فإن المريد الصادق هو من إذا سمع من شيخه كلاماً فعمل به على وجه الجزم واليقين ساوى شيخه في المرتبة، وما بقي له على المريد زيادة إلا كونه هو المفيض عليه.
ومن هنا قالوا: بداية المريد نهاية شيخه فإن ما قاله الشيخ، أو فعله أواخر عمره هو زبدة جميع مجاهداته طول عمره وسلكت في هذه الطبقات نحو مسلك المحدثين، وهو أن ما كان من الحكايات والأقوال في الكتب المسندة كرسالة القشيري والحيلة لأبي نعيم، وصرح صاحبه بصحة سنده أذكره بصيغة الجزم، وكذلك ما ذكره بعض المشايخ المكملين في سياق الاستدلال على أحكام الطريق أذكره بصيغة الجزم لأن استدلاله به دليل على صحة سنده عنده، وما خلا عن هذين الطريقين، فأذكره بصيغة التمريض كيحكى ويروى، ثم لا يخفى أن حكم ما في كتب القوم كعوارف المعارف، ونحوه حكم صحيح السند، فأذكره بصيغة الجزم كما يقول العلماء: قال في شرح المهذب: كذا قال في شرح الروضة: كذا ونحو ذلك وختمت هذه الطبقات بذكر نبذة صالحة من أحوال مشايخي الذين أدركتهم في القرن العاشر، وخدمتهم زماناً، أو زرتهم تبركاً في مشايخ السلف وجميعهم من مشايخ مصر المحروسة وقراها رضي الله عنهم أجمعين.
ثم اعلم يا أخي أن كل من طالع في هذا الكتاب على وجه الاعتقاد وسمع ما فيه فكأنه عاصر جميع الأولياء المذكورين فيه وسمع كلامهم وذلك لأن عدم الاجتماع بالشيخ لا يقدح في محبته وصحبته، فإنا نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين والأئمة المجتهدين وما رأيناهم ولا عاصرناهم، وقد انتفعنا بأقوالهم واقتدينا بأفعالهم كما هو مشاهد، فإن صورة المعتقدات إذا ظهرت وحصلت لا يحتاج إلى مشاهدة صورة الأشخاص، ثم إن من طالع مثل هذا الكتاب ولم يحصل عنده نهضة ولا شوق إلى طريق الله عز وجل فهو والأموات سواء والسلام.
وسميته بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار وصدرته بمقدمة نافعة تزيد الناظر فيه اعتقاداً في هذه الطائفة، إلى اعتقاده، وتشير من طرف خفي إلى أن الإنكار على هذه الطائفة لم يزل عليهم في كل عصر، وذلك لعلو ذوق مقامهم على غالب العقول، ولكنهم لكمالهم لا يغيرون كما لا يتغيرون كما لا يتغير الجبل من نفخة الناموسة، فأكرم به من كتاب جمع مع صغر حجمه غالب فقه أهل الطريق، فهو في جميع نصوص أهل الطريق، ومقلديهم، كالروضة في مذهب الشافعي رضي الله عنه جعله الله خالصاً لوجهه الكريم، ونفع به مؤلفه وكاتبه وسامعه والناظر فيه إنه قريب مجيب. إذا علمت ذلك، فأقول وبالله التوفيق:
مقدمة
في بيان أن طريق القوم مشيدة بالكتاب، والسنة، وأنها مبنية على سلوك أخلاق الأنبياء
اسم الکتاب : الطبقات الكبري للشعراني لوافح الانوار في طبقات الاخيار المؤلف : الشَّعْراني، عبد الوهاب    الجزء : 1  صفحة : 3
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست