responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الطبقات الكبرى - ط العلميه المؤلف : ابن سعد كاتب الواقدي    الجزء : 1  صفحة : 74
فَأُمْهِلَ. فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةٌ مِنَ اللَّيَالِي لَمْ يَرَ أَحَدًا يَتَحَرَّكُ فَقَامَ فَجَاءَ بِعُذْرَةٍ فَلَطَّخَ بِهَا قِبْلَتَهُ وَجَمَعَ جِيَفًا فَأَلْقَاهَا فِيهِ. فَأُخْبِرَ أَبْرَهَةُ بِذَلِكَ فَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا وَقَالَ: إِنَّمَا فَعَلَتْ هَذَا الْعَرَبُ غَضَبًا لِبَيْتِهِمْ. لأَنْقُضَنَّهُ حَجَرًا حَجَرًا! وَكَتَبَ إِلَى النَّجَاشِيِّ يُخْبِرُهُ بِذَلِكَ وَيَسْأَلَهُ أَنْ يَبْعَثَ إِلَيْهِ بِفِيلِهِ مَحْمُودٍ. وَكَانَ فِيلا لَمْ يُرَ مِثْلُهُ فِي الأَرْضِ عِظَمًا وَجِسْمًا وَقُوَّةً.
فَبَعَثَ بِهِ إِلَيْهِ. فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ الْفِيلُ سَارَ أَبْرَهَةُ بِالنَّاسِ وَمَعَهُ مَلِكُ حِمْيَرَ وَنُفَيْلُ بْنُ حَبِيبٍ الْخَثْعَمِيُّ. فَلَمَّا دَنَا مِنَ الْحَرَمِ أَمَرَ أَصْحَابَهُ بِالْغَارَةِ عَلَى نَعَمِ النَّاسِ. فَأَصَابُوا إِبِلا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَكَانَ نُفَيْلٌ صَدِيقًا لِعَبْدِ الْمُطَّلِبِ فَكَلَّمَهُ فِي إِبِلِهِ فَكَلَّمَ نُفَيْلٌ أَبْرَهَةَ فَقَالَ:
أَيُّهَا الْمَلِكُ قَدْ أَتَاكَ سَيِّدُ الْعَرَبِ وَأَفْضَلُهُمْ وَأَعْظَمُهُمْ شَرَفًا يَحْمِلُ عَلَى الْجِيَادِ وَيُعْطِي الأَمْوَالَ وَيُطْعِمُ مَا هَبَّتِ الرِّيحُ. فَأَدْخَلَهُ عَلَى أَبْرَهَةَ. فَقَالَ لَهُ: حَاجَتُكَ؟ قَالَ: تَرُدُّ عَلَيَّ إِبِلِي.
قَالَ: مَا أَرَى مَا بَلَغَنِي عَنْكَ إِلا الْغُرُورُ وَقَدْ ظَنَنْتُ أَنَّكَ تُكَلِّمُنِي فِي بَيْتِكُمْ هَذَا الَّذِي هُوَ شَرَفُكُمْ! قَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ: ارْدُدْ عَلَيَّ إِبِلِي وَدُونَكَ وَالْبَيْتَ فَإِنَّ لَهُ رَبًّا سَيَمْنَعُهُ! فَأَمَرَ بِرَدِّ إِبِلِهِ عَلَيْهِ. فَلَمَّا قَبَضَهَا قَلَّدَهَا النِّعَالَ وَأَشْعَرَهَا وَجَعَلَهَا هَدْيًا وَبَثَّهَا فِي الْحَرَمِ لِكَيْ يُصَابَ مِنْهَا شَيْءٌ فَيَغْضَبَ رَبُّ الْحَرَمِ. وَأَوْفَى عَبْدُ الْمُطَّلِبِ عَلَى حِرَاءٍ وَمَعَهُ عَمْرُو بْنُ عَائِذِ بْنِ عِمْرَانَ بْنِ مَخْزُومٍ وَمُطْعِمُ بْنُ عَدِيٍّ وَأَبُو مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ فَقَالَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ:
لا هُمَّ إِنَّ الْمَرْءَ يَمْنَعُ رَحْلَهُ ... فَامْنَعْ حِلالَكْ
لا يَغْلِبَنَّ صَلِيبُهُمْ وَمِحَالُهُمْ ... غَدْوًا مِحَالَكَ
إِنْ كُنْتَ تَارِكَهُمْ وَقِبْلَتَنَا ... فَأَمْرٌ مَا بَدَا لَكَ
قَالَ: فَأَقْبَلَتِ الطَّيْرُ مِنَ الْبَحْرِ أَبَابِيلَ مَعَ كُلِّ طَائِرٍ ثَلاثَةُ أَحْجَارٍ. حَجَرَانِ فِي رِجْلَيْهِ. وَحُجْرٌ فِي مِنْقَارَهِ. فَقَذَفَتِ الْحِجَارَةَ عَلَيْهِمْ لا تُصِيبُ شَيْئًا إِلا هَشَمَتْهُ وَإِلا نَفِطَ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ. فَكَانَ ذَلِكَ أَوَّلَ مَا كَانَ الْجُدَرِيُّ وَالْحَصْبَةُ وَالأَشْجَارُ الْمُرَّةُ فَأَهْمَدَتْهُمُ الْحِجَارَةُ وَبَعَثَ اللَّهُ سَيْلا أَتِيًّا فَذَهَبَ بِهِمْ فَأَلْقَاهُمْ فِي الْبَحْرِ. قَالَ: وَوَلَّى أَبْرَهَةُ وَمَنْ بَقِيَ مَعَهُ هُرَّابًا. فَجَعَلَ أَبْرَهَةُ يَسْقُطُ عُضْوًا عُضْوًا. وَأَمَّا مَحْمُودٌ الْفِيلُ. فِيلُ النَّجَاشِيِّ.
فَرَبَضَ وَلَمْ يَشْجُعْ عَلَى الْحَرَمِ فَنَجَا. وَأَمَّا الْفِيلُ الآخَرُ فَشَجُعَ فَحُصِبَ. وَيُقَالُ: كَانَتْ ثَلاثَةَ عَشَرَ فِيلا. وَنَزَلَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ مِنْ حِرَاءٍ فَأَقْبَلَ عَلَيْهِ رَجُلانِ مِنَ الْحَبَشَةِ فَقَبَّلا رَأْسَهُ وَقَالا لَهُ: أَنْتَ كُنْتَ أَعْلَمَ.
قَالَ: أَخْبَرَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: وَلَدَ عَبْدُ الْمُطَّلِبِ بْنُ هَاشِمِ بْنِ عَبْدِ مَنَافٍ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلا وَسِتَّ نِسْوَةٍ: الْحَارِثَ. وَهُوَ أَكْبَرُ

اسم الکتاب : الطبقات الكبرى - ط العلميه المؤلف : ابن سعد كاتب الواقدي    الجزء : 1  صفحة : 74
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست