responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز    الجزء : 1  صفحة : 80
ولما سمعت بثينة أن جميلا شب بها حلفت بالله أن لا يأتيها على خلوة إلا خرجت إليه ولا تتوارى منه فكان يأتيها عند غفلات الرجال فيتحدث معها ومع أخواتها حتى نمى إلى رجالها أنه يتحدث إليها, وكانوا أصلافا (أي غيارى) , فرصدوه بجماعة نحو من بضعة عشر رجلا وجاء على الصهباء ناقته حتى وقف ب بثينة وأم الحسين وهما تحدثانه وهو ينشدهما قوله:
حلفت برب الراقصات إلى منى ... هوي القطا تجتزن بطن دفين
لقد ظن هذا القلب أن ليس لا قيا ... سليمى ولا أم الحسين لحين
فليت رجالا فيك قد ندروا دمي ... وهموا بقتلي يا بثين لقوني
فبينما هو على تلك الحال إذ وثب عليه القوم فأطلق عنان الناقة, فخرجت من بينهم كالسهم ووعدت جميلا يوما أن يلتقيا في بعض المواضع فأتى لوعدها, وجاء أعرابي يستضيف القوم فأنزلوه وقروه فقال لهم: قد رأيت في بطن هذا الوادي ثلاثة نفر متفرقين متوارين في الشجر وأنا خائف عليكم أن يسلبوا بعض إبلكم, فعرفوا أنه جميل وصاحباه فحرسوا ب بثينة ومنعوها من الوفاء بوعده, فلما أسفر الصبح انصرف كئيبا سيئ الظن بها ورجع إلى أهله فجعل نساء الحي يقرعنه بذلك ويقلن له: إنما حصلت منها الباطل والكذب والغدر وغيرها أولى بوصلك منها كما أن غيرك يحظى بوصلها فقال في ذلك:
فلرب عارضة علينا وصلها ... بالجد تخلطه بقول الهازل
فاجبتها في القول بعد تستر ... حبي ب بثينة عن وصالك شاغلي
لو كان في صدري كقدر قلامة ... فضلا وصلتك أو أتتك رسائلي
ويقلن إنك قد رضيت بباطل ... منها لك في اجتناب الباطل
ولباطل ممن أحب حديثه ... أشهى إلي من البغيض الباذل
ليزلن عنك هواي ثم يصلنني ... وإذا هويت فما هواي بزائل
أبثين إنك قد ملكت فاسحجي ... وخذي بحظك من كريم واصل
وفي وعدها بالتلاقي وتأخرها يقول أيضا قصيدته الرائبة التي أولها:
يا صاح عن بعض الملامة أقصر ... إن المنى للقاء أم المسور
ومنها:
وكأن طارقها على علل الكرى ... والنجم وهنا قد دنا لتغور
يستاف ريح مدامة معجونة ... بذكي مسك أو سحيق العنبر
ومنها:
إني لأحفظ غيبكم ويسرني ... إذ تذكرين بصالح أن تذكري
ويكون يوم لا أرى لك مرسلا ... أو نلتقي فيه علي كأشهر
يا ليتني ألقى المنية بغتة ... إن كان يوم لقائكم لم يقدر
أو أستطيع تجلدا عن ذكركم ... فيفيق بعض صبابتي وتفكري
لو قد تجن كما أجن من الهوى ... لعذرت أو لظلمت إن لم تعذري
والله ما للقلب من علم بها ... غير الظنون وغير قول المخبر
لا تحسبي أني هجرتك طائعا ... حدث لعمرك رائع أن تهجري
فلتبكني الباكيات وإن أبح ... يوما بسرك معلنا لم أعذر
يهواك ما عشت الفؤاد فإن أمت ... يتبع صداي صداك بين الأقبر

اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز    الجزء : 1  صفحة : 80
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست