responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز    الجزء : 1  صفحة : 463
استشار قومه في دائه, فاتفقت آراهم على أن يأمروه يتصفح أحياء العرب, فلعل أن تقع عينه من تسليه عن حب لبنى, ففعل حتى نزل بحي من فزارة, فرأى جارية قد حسرت عن وجهها برقع خز وهي كالبدر حسناً فسألها عن اسمها فقالت لبنى: فسقط مغشياً عليه, فارتاعت.
وقالت: إن لم تكن قيساً فمجنون ونضحت على وجهه الماء, فلما أفاق استنسبته فإذا هو قيس لبنى, وكان أمرهما اشتهر في العرب وجاء أخوها فأخبرته فركب حتى استرده, وأقسم عليه أن يقيم عنده شهراً فقال له: لقد شققت علي, وأجاب. فكان الفزاري يعجب به ويعرض عليه المصاهرة حتى لامته العرب.
وقالوا: نخشى أن يصير فعلك هذا سنة في العرب. فقال: دعوني ففي مثل هذا فليرعب الكرام, وألح عليه وزوجه بأخته, فلما بلغ لبنى قالت: إنه لغدار وإني طالما خطبت فأبيت والآن أجيب. وكان أبوها قد اشتكى قيساً إلى معاوية وقال: إنه يشبب بابنته فكتب إلى مروان يهدر دمه وأمره أن يزوج ابنته بخالد بن خلدة الغطفاني, ففعل, وأجابت حين علمت بزواج قيس فجعل النساء يغنينها ليلة الزفاف.

لبنى زوجها ... أصبح لا حر يوازيه
له فضل على الناس ... وقد باتت تناجيه
وقيس ميت حقاً ... صريع في بواكيه
فلا يبعده الله ... وبعد النواعيه
ولما بلغ ذلك قيساً اشتد به الغرام فركب حتى أتى محل قومها فقالت له النساء: ما تصنع بهذا وقد رحلت مع زوجها؟ فلم يلتفت حتى أتى محل خبائها فتمرغ به وأنشد:
إلى الله أشكو فقد لبنى كما شكا ... إلى الله فقد الوالدين يتيم
يتيم جفاه الأقربون فجسمه ... نحيل وعهد الوالدين قديم
وحجت لبنى في تلك السنة فاتفق خروج قيس أيضاً فتلاقيا فهبت وأرسلت إليه مع امرأة تستخبر عن حاله وتسلم عليه فأعاد السلام والسؤال وأنشد:
إذا طلعت شمس النهار فسلمي ... فآية تسليمي عليك طلوعها
بعشر تحيات إذا الشمس أشرقت ... وعشر إذا اصفرت وحان رجوعها
ولو أبغلتها جارة قولي اسلمي ... بكت جزعاً وارفض منها دموعها
وحين انقضى الحج مرض مرضاً شديداً فأنهكه فأكثر الناس من عيادته, فجعل يتفكر لبنى وعدم رؤيته لها فأنشد:
ألبنى لقد جلت عليك مصيبتي ... غداة غد إذ حل ما أتوقع
تمنينني نيلاً وتلوينني به ... فنفسي شوقاً كل يوم تقطع
ألومك في شأني وأنت مليمة ... لعمري وأجفى للمحب وأقطع
وأخبرت أني فيك مت بحسرة ... فما فاض من عينيك للوجد مدمع
إذا أنت لم تبكي علي جنازة ... لديك فلا تبكي غداً حين أرفع
فحين بلغتها الأبيات جزعت جزعاً شديداً وخرجت إليه خفية على ميعاد فاعتذرت عن الانقطاع, وأعلمته أنها إنما تترك زيارته خوفاً عليه أن يهلك وإلا فعندها ما عنده ولكنها جلدة وجاء قيس إلى المدينة بناقة من

اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز    الجزء : 1  صفحة : 463
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست