responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز    الجزء : 1  صفحة : 343
أفاق قال له أكل هذا بلغ بك عشقها؟ قال: وما خفي عليك أكثر. قال: أفتحب أن تسمعه منها؟ قال: قد رأيت ما نالني حين سمعته من غيرها وأنا لا أحبها فكيف يكون حالي إن سمعته منها وأنا لا أقدر على ملكها قال: أفتعرفها إن رأيتها. قال: أو أعرف غيرها.
فأمر بها فأخرجت وقال: خذها فهي لك والله ما نظرت إليها قط إلا عن عرض، فقبل الرجل يديه ورجليه وقال له: أنمت عيني وأحيت نفسي وتركتني أعيش بين قومي ورددت إلي عقلي فقال: ما أرضى أن أعطيكما هكذا يا غلام احمل معها ثمنها لكي لا تهتم به ويهتم بها فأخذها وانصرف شاكرا.
وكان ابن أبي عتيق معجبا بعزة الميلاء فأتى يوما عند عبد الله بن جعفر فقال له: بأبي أنت وأمي هل لك في عزة فقد اشتقت إليها قال: لا أنا اليوم مشغول. فقال: بأبي أنت وأمي إنها لا تنشط إلا بحضورك فأقسمت عليك إلا ساعدتني وتركت شغلك ففعل فأتياها ورسول الأمير على بابها يقول لها دعي الغناء فقد ضج أهل المدينة منك وقالوا: فتنت رجالهم ونساءهم فقال له ابن جعفر: ارجع إلى صاحبك فقل له عني أقسم عليك إلا ناديت في المدينة أيما رجل أو امرأة فتنت بسبب عزة إلا كشف نسفه بذلك لتعرفه ويظهر لنا ولك أمره فنادى الرسول بذلك فما أظهر أحد نفسه، ودخل ابن جعفر إليها وابن أبي عتيق معه فقال لها: لا يهولنك ما سمعت فغنينا، فغنتهما:
إنا محيوك فاسلم أيها الطلل ... وإن بليت وإن طالت بك الطيل
فاهتز ابن أبي عتيق طربا فقال ابن جعفر: ما أراني أدرك ركابك بعد أن سمعت هذا الصوت من عزة، وبقيت عزة في عز وإقبال ونعمة وافرة حتى ماتت مأسوفا عليها من كل من سمع صوتها ورأى جمالها.

عزة صاحبة كثير
هي عزة بنت جميل بن حفص بن إياس بن عبد العزى يتصل نسبها إلى عبد مناف علقها كثير جارية قد كعبت نهودها.
وكان سبب دخول الهوى بينهما أن كثيرا مر بغنم له ترد الماء على نسوة من ضمرة بوادي الخبت فأرسلن له عزة بدريهمات تشتري بها كبشا لهن منه، فنظرها نظرة تأمل فداخله منها ما كان، فرد الدراهم وأعطاها الكبش وقال: إن رجعت أخذت حقي، فلما عاد سألنه ذلك فقال: لا أقتضي إلا من عزة فقلن له: ليس فيها كفاءة فاختر إحدانا فأبى وأنشد:
نظرت إليها نظرة وهي عاتق ... على حين أن شبت وبان نهودها
نظرت إليها نظرة ما يسرني ... بها حمر أنعام البلاد وسودها
فجعلن يبرزنها له كارهة ثم داخلها ما داخله ولما اشتدت حالته أنشد:
يزهدني في حب عزة معشر ... قلوبهم فيها مخالفة قلبي
فقلت دعوا قلبي وما اختار وارتضى ... فبالقلب لا بالعين ينظر ذو اللب
وما تبصر العينان في موضع الهوى ... ولا تسمع الأذنان إلا من القلب
ودخلت عزة على أم البنين بنت عبد العزيز فقالت لها: ما الحق الذي مطلته كثيرا إذ قال:
قضى كل ذي دين فوفى غريمه ... وعزة ممطول معنى غريمها
فقالت: وعدته قبله، فقالت: أنجزيها وعلي إثمها.

اسم الکتاب : الدر المنثور في طبقات ربات الخدور المؤلف : زينب فواز    الجزء : 1  صفحة : 343
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست