اسم الکتاب : الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : العسقلاني، ابن حجر الجزء : 6 صفحة : 383
فلما أصبح سأل عنه، فأرسل إليه، فإذا هو من أحسن الناس شعرا و أصبحهم وجها، فأمره عمر أن يطمّ شعره، ففعل، فخرجت جبهته فازداد حسنا، فأمره أن يعتمّ فازداد حسنا، فقال عمر: لا و الّذي نفسي بيده لا تجامعني ببلد، فأمر له بما يصلحه و صيّره، إلى البصرة، زاد الخرائطيّ بسند ليس من طريق محمد بن سرين- أنه لما دخل البصرة كان يدخل على مجاشع بن مسعود لكونه من قومه، و لمجاشع امرأة جميلة يقال لها الخضراء، فكان يتحدث مع مجاشع، فكتب نصر في الأرض: إني أحبك حبّا لو كان فوقك لأظلّك أو كان تحتك لأقلّك، و كانت المرأة تقرأ، و مجاشع لا يقرأ، فرأت المرأة الكتابة فقالت: و أنا، فعلم مجاشع أنّ هذا الكلام جواب، فدعا بإناء فكبّه على الكتابة، و دعا كاتبا فقرأه فعلم نصر بذلك فاستحيا و انقطع في منزله فضنى حتى صار كالفرخ، فبلغ ذلك مجاشعا فعلم سبب ذلك، فقال لامرأته: اذهبي فأسنديه إلى صدرك و أطعميه الطّعام، فعزم عليها ففعلت فتحامل نصر قليلا، و خرج من البصرة.
و ذكر الهيثم بن عدي أنّ مجاشعا كان خليفة أبي موسى، و أن أبا موسى لما علم بقصته أمره أن يخرج إلى فارس، فخرج إليها و عليها عثمان بن أبي العاص، فجرت له قصّة مع دهقانه، فقال له: اخرج عنا. فقال: و اللَّه لئن فعلتم هذا بي لألحقنّ بأرض الشّرك، فكتب بذلك إلى عمر، فكتب احلقوا شعره، و شمروا قميصه، و ألزموه المسجد.
النون بعدها الضاد
8863- النضر بن أنس
بن النضر الأنصاريّ الخزرجيّ، ابن عم أنس بن مالك، خادم النبيّ (صلّى اللَّه عليه و آله و سلم).
استشهد أبوه بأحد، و قد تقدم ذكره، و ثبت ذكر هذا في أثر أخرجه ابن أبي شيبة عن زيد بن الحباب، عن أبي معشر، عن عمر مولى عفرة و غيره، قال: فذكر قصّة فيها أنّ عمر دوّن الدّيوان و فرض للمسلمين، و فضل المهاجرين السابقين، قال: فمرّ به النّضر، فقال:
افرضوا له في ألفين، فقال له طلحة: جئتك بمثله ففرضت له في ثمانمائة- يعني ولده عثمان، و فرضت له ألفين، قال: إن أبا هذا الفتى لقيني يوم أحد، فقال: ما فعل رسول اللَّه (صلّى اللَّه عليه و آله و سلم)؟ فقلت: ما أراه إلا قد قتل. فسلّ سيفه و كسر غمده، و قال: إن كان رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) قتل فإن اللَّه حيّ لا يموت، فقاتل حتى قتل.