اسم الکتاب : الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : العسقلاني، ابن حجر الجزء : 4 صفحة : 389
أتيت النبيّ (صلى اللَّه عليه و سلّم) في المسجد، فقال الناس: هذا عديّ بن حاتم. قال: و جئت بغير أمان و لا كتاب، و كان قال قبل ذلك: إني لأرجو اللَّه أن يجعل يده في يدي، فقام فأخذ بيدي، فلقيته امرأة و صبيّ معها، فقالا: إنا لنا إليك حاجة، فقام معهما حتى قضى حاجتهما، ثم أخذ بيدي حتى أتى إلى داره، فألقت إليه الوليدة وسادة فجلس عليها، و جلست بين يديه، فقال:
«هل تعلم من إله سوى اللَّه؟» قلت: لا. ثم قال: «هل تعلم شيئا أكبر من اللَّه؟» قلت: لا.
قال: «فإنّ اليهود مغضوب عليهم، و إنّ النّصارى ضالون[1]»[2].
و روى أحمد و البغويّ في معجمه و غيرهما من طريق أبي عبيدة بن حذيفة، قال: كنت أحدّث حديث عدي بن حاتم، فقلت: هذا عدي في ناحية الكوفة، فأتيته، فقال: لما بعث النبيّ (صلى اللَّه عليه و سلّم) كرهته كراهية شديدة، فانطلقت حتى كنت في أقصى الأرض مما يلي الروم، فكرهت مكاني أشدّ من كراهته، فقلت: لو أتيته، فإن كان كاذبا لم يخف عليّ، و إن كان صادقا اتبعته. فأقبلت، فلما قدمت المدينة استشرفني الناس، فقالوا: عدي بن حاتم. فأتيته فقال لي: «يا عديّ، أسلم تسلم»[3]. قلت: إني لي دينا. قال: «أنا أعلم بدينك منك، أ لست ترأس قومك؟» قلت: بلى[4]. قال: «أ لست تأكل المرباع[5]؟»[6]قلت: بلى. قال:
«فإنّ ذلك لا يحلّ لك في دينك». ثم قال: «أسلم تسلم. قد أظن أنّه إنما يمنعك غضاضة تراها ممّن حولي، و إنّك ترى النّاس علينا إلبا[7]واحدا». قال: «هل أتيت الحيرة؟» قلت:
لم آتها، و قد علمت مكانها. قال: «يوشك أن تخرج الظّعينة منها بغير جواز حتّى تطوف بالبيت، و لتفتحنّ علينا كنوز كسرى بن هرمز». فقلت: كسرى بن هرمز؟ قال: «نعم.
و ليفيضنّ المال حتّى يهمّ الرّجل من يقبل صدقته».
قال عدي: فرأيت اثنتين: الظعينة.
و كنت في أول خيل أغارت على كنوز كسرى، و أحلف باللَّه لتجيئنّ الثالثة. و آخر الحديث عند البخاري من وجه آخر.
[3] أخرجه الحاكم في المستدرك 3/ 46 و قال صحيح على شرط مسلم قال الهيثمي في الزوائد 5/ 308 رواه الطبراني و رجالة رجال الصحيح، و أحمد في المسند 1/ 263، و ابن حبان في صحيحه حديث رقم 2280، و البيهقي في السنن الكبرى 9/ 178، كنز العمال حديث رقم 304، 305.
[4] في أ: قلت بلى: قال أ لست ركوبيا؟ أ لست تأكل ...