اسم الکتاب : الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : العسقلاني، ابن حجر الجزء : 4 صفحة : 386
ذلك الرجل، ففعل، فلما وضع يده فيه قال: «باسم اللَّه» فتعجّب عدّاس، و قال له: هذا الكلام ما يقوله أحد من أهل هذه البلاد! فذكر له أنه رسول اللَّه، فعرف صفته فانكب عليه يقبّله. فلما رجع عداس قالا له: ويحك يا عداس، لا يصرفك عن دينك.
و ذكر سليمان التّيميّ في السيرة له أنه قال للنبيّ (صلى اللَّه عليه و سلّم): أشهد أنك عبد اللَّه و رسوله.
و أشار ابن مندة إلى قصة أخرى، فقال: له ذكر في صفة النبيّ (صلى اللَّه عليه و سلّم) قبل مبعثه.
و قد ذكرها سليمان التّيميّ أيضا، قال: بلغنا أنّ أول شيء اختص اللَّه به محمدا (صلى اللَّه عليه و سلّم) أنه رأى رؤيا في حراء [1] كان يخرج إليه فرارا مما يفعل بآلهتهم، فنزل عليه جبرائيل، فدنا منه، فخافه، فذكر الحديث، فقالت له خديجة: أبشر، فإنك نبيّ هذه الأمة، قد أخبرني به قبل أن أتزوج ناصح غلامي و بحيرا الراهب، ثم خرجت من عنده إلى الراهب، فقال لها: إن جبرائيل رسول اللَّه و أمينه إلى الرسل، ثم أقبلت من عنده حتى تأتي عبدا لعتبة بن ربيعة نصرانيا من أهل نينوى يقال له عداس، فقالت له، فقال لها مثل ذلك، ثم أتت ورقة.
و ذكر هذه القصة أيضا موسى بن عقبة، و قال فيه عداس: هو أمين اللَّه بينه و بين النبيين، و صاحب موسى و عيسى.
و ذكر ابن عائذ في «المغازي»، من طريق عثمان بن عطاء، عن أبيه، عن عكرمة، عن ابن عباس نحوه بطوله.
و ذكر «الواقديّ» في قصة بدر، من طريق أبي بكر بن سليمان بن أبي خيثمة، عن حكيم بن حزام، قال: فإذا عداس جالس على الثنيّة البيضاء، و الناس يمرون عليها، فوثب لما رأى شيبة و عتبة، و أخذ بأرجلهما يقول: بأبي و أمي أنتما و اللَّه! إنه لرسول اللَّه و ما تساقان إلا إلى مصارعكما، قال: و مرّ به العاص بن شيبة فوجده يبكى، فقال: مالك؟ فقال: يبكيني سيّداي و سيّدا هذا الوادي، فيخرجان و يقاتلان رسول اللَّه. فقال له العاص: إنه لرسول اللَّه؟
فانتفض عدّاس انتفاضة شديدة، و اقشعرّ جلده و بكى، و قال: إي و اللَّه، إنه لرسول اللَّه إلى الناس كافة.
و ذكر الواقديّ من وجه آخر أنه نهاهما عن الخروج، و هما بمكة، فخالفاه، فخرج معهما فقتل ببدر. قال: و يقال: إنه لم يقتل بها، بل رجع فمات.