responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : العسقلاني، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 64

الفتنة و أعاد أم المؤمنين إلى بيتها في حماية أربعين حارسا أوصلوها سالمة و لم يكن هؤلاء الجنود إلا نساء من فتيات قريش تزيوا بزيّ الرجال مراعاة لحرمة رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم) و كان على رأسهم أخوها محمد بن أبي بكر، فلما اكتشفت أم المؤمنين ذلك أطرقت برأسها قائلة: لقد أبي أبو الحسن إلا أن يكون عليّا.

و بعد شهر من هذه الواقعة بدا يوم صفّين مكشرا عن أنيابه، و كانت نهاية هذه الموقعة أسوأ من بدايتها فقد انتهت بخدعة التحكيم المشهورة، أما الخوارج فقد حكموا على الإمام علي بالكفر و قتله أحدهم و هو عبد الرحمن بن ملجم الّذي ألحقه اللَّه بعاقر ناقة ثمود في النّار بجريمته النكراء و فعلته الشّنعاء.

و تولى الخلافة بعده ابنه الحسن بن علي الّذي ما لبث أن ودعها غير آسف عليها تاركا أعباءها لمعاوية بن أبي سفيان رضي اللَّه عنه الّذي لم تصح له الخلافة إلا بعد تنازل الحسن عنها له، و كان قد أخذ البيعة من أهل الحلّ و العقد كما بويع لأبيه الإمام علي من قبل وَ صدقت نبوءة النبي (صلى اللَّه عليه و سلّم) فيما

أخبر به عن الحسن حيث قال: «إنّ ابني هذا سيّد و سيصلح اللَّه به بين فئتين عظيمتين من المسلمين» [1].

و هكذا أصبحت الخلافة ملكا عضوضا على يد معاوية الّذي ورثها لابنه اليزيد، و أجبر الناس على بيعته في حياته حتى لا ينازعه في ملكه منازع من بعده.

و لسنا نقول بأن الخبر الّذي قاله النّبي (صلى اللَّه عليه و سلّم) عن الملك العضوض حين يفيد انتقاصا من قدر الملوك فإنه غالبا ما يكون فيهم الحزم و الكياسة إلى جانب الشّدة و العنف، و ها هو داود و ابنه سليمان كانا رسولين ملكين، و كان الملك و الجاه و السلطان خير سند لرسالتهما، كما كانت ملكة سبإ من خير ملكات العالم بما أوتيت من الحكمة و الرشاد حيث حكمت اليمن و قادت الجيوش الجرّارة حتى إذا دعيت للإسلام قادت شعبها و جيشها إلى الدّخول في طاعة سليمان قائلة: «و أسلمت مع سليمان للَّه ربِّ العالمين» و هذه الأرض يعيش عليها الآن ملوك يقودون شعوبهم متّجهين بهم إلى السّير في ركب الحضارة الإنسانية بما أوتوا من الحنكة و التجربة و عراقة الأصل و سلامة الدّين.

هذا و ما زالت آثار الصّحابة و الخلفاء قائمة بين دول الإسلام بما خلّفوه من علم و فهم لكتاب اللَّه و سنّة نبيه (صلى اللَّه عليه و سلّم)، و ستظل باقية حتى يرث اللَّه الأرض و من عليها و هو خير الوارثين.


[1] أخرجه أحمد في المسند 5/ 44. و ابن عساكر 4/ 209- و ذكره ابن كثير في البداية و النهاية 8/ 16 و القاضي عياض في الشفا 1/ 671.

اسم الکتاب : الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : العسقلاني، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 64
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست