responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : العسقلاني، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 50

خشنا، بل كانت المرأة تقف في سترة المسجد الجامع فتقاطع خليفة المسلمين و هو يخطب، و تعارض رأيه برأيها، و تقرع حجته بحجتها فيما تعتقد أنه أخطأ فيه شاكلة الصّواب.

فهل يرضى العقل و المنطق أن تجرح هذه الأمة الصريحة القوية و تتهم بالكذب أو بالسكوت على الكذب في كلام اللَّه، و في سنة رسول اللَّه؟! ثم ألا يحملهم هذا الخلق المشرق فيهم على كمال التّثبت و دقة التحرّي في كتاب اللَّه و سنة رسول اللَّه؟!

العامل السّابع:

تكافل الصّحابة تكافلا اجتماعيا فرضه الإسلام عليهم.

لقد كان كلّ واحد منهم يعتقد أنه عضو في جسم الجماعة، عليه أن يتعاون هو و المجموع في المحافظة على الملّة، و يعتقد أنه لبنة في بناء الجماعة، عليه أن يعمل على سلامتها من الدغل و الزغل و الافتراء و الكذب خصوصا في أصل التّشريع الأول و هو القرآن و أصله الثّاني و هو سنة الرّسول عليه الصّلاة و السّلام.

و اقرأ آيات الأمر بالمعروف و النّهي عن المنكر التي تقرر ذاك التّكافل الاجتماعي الإسلامي بين آحاد الأمّة بما لا يدع مجالا لمفتر على اللَّه، و لا يترك حيلة لحاطب ليل في حديث رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم).

يقول اللَّه تعالى: وَ لْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ يَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ وَ لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَ اخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ وَ أُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ. يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ وَ تَسْوَدُّ وُجُوهٌ‌ إلى أن قال جلّ ذكره: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ‌ [1].

و هكذا قدّم اللَّه الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر على الإيمان باللَّه، تنويها بجلالتهما، و حثّا على التمسّك بحبلهما، و إشارة إلى أن الإيمان باللَّه لا يصان و لا يكون إلا بهما.

و أما السّنة

فيقول (صلى اللَّه عليه و سلّم): «و الّذي نفسي بيده لتأمرنّ بالمعروف و لتنهونّ عن المنكر أو ليوشكنّ أن يبعث اللَّه عليكم عقابا منه، ثمّ تدعونه فلا يستجاب لكم» [2].


[1] [آل عمران: 104- 110].

[2] أخرجه الترمذي في السنن 4/ 406- 407 كتاب الفتن (34) باب ما جاء في الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر (9) حديث رقم 2169 و قال أبو عيسى هذا حديث حسن و أحمد في المسند 5/ 389- و الطبراني‌

اسم الکتاب : الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : العسقلاني، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 50
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست