responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : العسقلاني، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 35

و من هنا يقول ابن كثير: «السّنة قاضية على الكتاب و ليس الكتاب قاضيا على السّنّة»، يريد بهذه الكلمة ما وضحه السّيوطيّ بقوله: و الحاصل أن معنى احتياج القرآن إلى السّنّة أنها مبيّنة له و مفصّلة لمجملاته، لأن فيه لو جازته كنوزا يحتاج إلى من يعرف خفايا خباياها فيبرزها، و ذلك هو المنزل عليه (صلى اللَّه عليه و سلّم) و هو معنى كون السّنّة قاضية على الكتاب، و ليس القرآن مبيّنا للسّنّة و لا قاضيا عليها، لأنها بيّنة بنفسها، إذ لم تصل إلى حدّ القرآن في الإعجاز و الإيجاز، لأنها شرح له، و شأن الشّرح أن يكون أوضح و أبين و أبسط من المشروح».

و لا ريب أنّ الصّحابة كانوا أعرف النّاس بمنزلة الكتاب و السّنّة، فلا غرو أن كانوا أحرص على حذقهما و حفظهما و العمل بهما.

العامل الثّامن:

ارتباط كثير من كلام اللَّه و رسوله بوقائع و حوادث و أسئلة من شأنها أن تثير الاهتمام، و تنبّه الأذهان، و تلفت الأنظار إلى قضاء اللَّه و رسوله فيها، و حديثهما عنهما و إجابتهما عليها، و بذلك يتمكّن الوحي الإلهي و الكلام النّبويّ في النّفوس أفضل تمكن، و ينتقش في الأذهان على مرّ الزّمان.

انظر إلى القرآن الكريم تجده يساير الحوادث و الطّوارئ في تجددها و وقوعها، فتارة يجيب السّائلين على أسئلتهم بمثل قوله تعالى: وَ يَسْئَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَ ما أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا [1].

و تارة يفصّل في مشكلة قامت، و يقضي على فتنة طغت بمثل قوله تعالى: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ‌، إلى قوله: مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ رِزْقٌ كَرِيمٌ‌ [2].

و هي ستّ عشرة آية نزلت في حادث من أروع الحوادث هو اتّهام أمّ المؤمنين سيدتنا الجليلة السيدة أم المؤمنين عائشة زوج رسول اللَّه (صلى اللَّه عليه و سلّم)، الصّديقة بنت الصّديق، و في هذه الآيات دروس اجتماعية قرئت، و لا تزال تقرأ على النّاس إلى يوم القيامة، و لا تزال تسجل براءة الحصان الطاهرة من فوق سبع سماوات، و تارة يلفت القرآن أنظار المسلمين إلى تصحيح أغلاطهم الّتي وقعوا فيها، و يرشدهم إلى شاكلة الصّواب كقوله في سورة آل عمران. وَ إِذْ غَدَوْتَ مِنْ أَهْلِكَ تُبَوِّئُ الْمُؤْمِنِينَ مَقاعِدَ لِلْقِتالِ‌ إلخ الآيات، التي نزلت في‌


[1] الإسراء: 85.

[2] النور: 11- 26.

اسم الکتاب : الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : العسقلاني، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 35
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست