responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : العسقلاني، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 18

و الوسط: الخيار و العدول، فهم خير الأمم و أعدلها في أقوالهم و أعمالهم و إرادتهم و نيّاتهم، و بهذا استحقوا أن يكونوا شهداء للرّسل على أممهم يوم القيامة، و اللَّه تعالى يقبل شهادتهم عليهم فهم شهداؤه، و لهذا نوّه بهم و رفع ذكرهم و أثنى عليهم، لأنه تعالى لما اتخذهم شهداء أعلم خلقه من الملائكة و غيرهم بحال هؤلاء الشهداء، و أمر ملائكته أن تصلّي عليهم و تدعو لهم و تستغفر لهم، و الشّاهد المقبول عند اللَّه هو الّذي يشهد بعلم و صدق فيخبر بالحق مستندا إلى علمه به، كما قال تعالى: إِلَّا مَنْ شَهِدَ بِالْحَقِّ وَ هُمْ يَعْلَمُونَ‌ [1] [2].

و قال تعالى: كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ، وَ تَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ‌ [3].

و يدخل في الخطاب الصَّحابيّ من باب أولى، فلقد شهد بأنهم يأمرون بكل معروف و ينهون عن كل منكر.

و قال تعالى: وَ جاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهادِهِ هُوَ اجْتَباكُمْ، وَ ما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ مِلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْراهِيمَ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِنْ قَبْلُ وَ فِي هذا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيداً عَلَيْكُمْ، وَ تَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ‌ [4].

فأخبر تعالى أنه اجتباهم، و الاجتباء كالاصطفاء، و هو افتعال من «اجتبى الشّي‌ء يجتبيه»، إذا ضمّه إليه و حازه إلى نفسه، فهم المجتبون الّذين اجتباهم اللَّه إليه و جعلهم أهله و خاصّته و صفوته من خلقه بعد النّبيين و المرسلين، و لهذا أمرهم تعالى أن يجاهدوا فيه حقّ جهاده و يبذلوا له أنفسهم و يفردوه بالمحبّة و العبوديّة، و يختاروه وحده إلها معبودا محبوبا على كل ما سواه، كما اختارهم على من سواهم، فيتخذونه وحده إلههم و معبودهم الّذي يتقربون إليه بألسنتهم و جوارحهم و قلوبهم و محبتهم و إرادتهم، فيؤثرونه في كل حال على من سواه كما اتخذهم عبيده و أولياءه و أحبّاءه، و آثرهم بذلك على من سواهم، ثم أخبرهم تعالى أنّه يسّر عليهم دينه غاية التّيسير، و لم يجعل عليهم فيه من حرج البتّة لكمال محبَّته لهم و رأفته و رحمته و حنانه بهم، ثم أمرهم بلزوم ملّة إمام الحنفاء أبيهم إبراهيم، و هي إفراده تعالى وحده بالعبودية و التعظيم و الحبّ و الخوف و الرّجاء و التوكّل و الإنابة و التفويض و الاستسلام، فيكون تعلّق ذلك من قلوبهم به وحده لا بغيره، ثم أخبر تعالى أنه فعل ذلك‌


[1] الزخرف: 86.

[2] أعلام الموقعين 4/ 102.

[3] آل عمران: 110.

[4] الحج: 78.

اسم الکتاب : الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : العسقلاني، ابن حجر    الجزء : 1  صفحة : 18
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست