اسم الکتاب : الإصابة في تمييز الصحابة المؤلف : العسقلاني، ابن حجر الجزء : 1 صفحة : 11
و انعقد عليه الإجماع كان الإيمان بما ثبت واجبا و منكره كافر .. و السؤال بعد ذلك هل هم داخلون في الصحابة الحق؟.
نعم. يدخل في الصّحابة (رضوان اللَّه تعالى عليهم) من رآه (صلى اللَّه عليه و سلّم) أو لقيه مؤمنا به من الجنّ، لأنه (صلى اللَّه عليه و سلّم) بعث إليهم قطعا و هم مكلّفون، و فيهم العصاة و الطّائعون.
قال الحافظ ابن حجر، الرّاجح دخولهم، لأن النبي (صلى اللَّه عليه و سلّم) بعث إليهم قطعا.
قال السّبكيّ في فتاويه: كونه (صلى اللَّه عليه و سلّم) مبعوثا إلى الإنس و الجن كافّة و أن رسالته شاملة للثقلين فلا أعلم فيه خلافا، و نقل جماعة الإجماع عليه.
قال السّبكيّ: و الدّليل عليه قبل الإجماع الكتاب و السّنة، أما الكتاب فآيات منها قوله تعالى: لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً. [1]
و قد أجمع المفسّرون على دخول الجنّ في ذلك في هذه الآية. و مع ذلك هو مدلول لفظها، فلا يخرج عنه إلّا بدليل.
و منها قوله تعالى في سورة الأحقاف: فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ[2].
و المنذرون هم المخوفون مما يلحق بمخالفته لوم، فلو لم يكن مبعوثا إليهم لما كان القرآن الّذي أتى به لازما لهم و لا خوفوا به.
و منها قولهم فيها، أَجِيبُوا داعِيَ اللَّهِ فأمر بعضهم بعضا بإجابته دليل على أنه داع لهم، و هو معنى بعثه إليهم.
و منها قولهم: وَ آمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ ... الآية، و ذلك يقتضي ترتيب المغفرة على الإيمان به، و أن الإيمان به شرط فيها، و إنّما يكون كذلك إذا تعلّق حكم رسالته بهم، و هو معنى كونه مبعوثا إليهم.
و منها قولهم: وَ مَنْ لا يُجِبْ داعِيَ اللَّهِ الآية، فعدم إعجازهم و أوليائهم، و كونهم في ضلال مرتّب على عدم إجابته، و ذلك أدلّ دليل على بعثته إليهم.
و منها قوله تعالى: سَنَفْرُغُ لَكُمْ أَيُّهَ الثَّقَلانِ[3]. فهذا تهديد و وعيد شامل لهم وارد على لسان رسوله (صلى اللَّه عليه و سلّم) عن اللَّه، و هو يقتضي كونه مرسلا إليهم، و أيّ معنى للرسالة غير ذلك و كذلك مخاطبتهم في بقيّة السورة بقوله: وَ لِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ، [4] و غير ذلك من الآيات التي تضمّنتها هذه السورة.