اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 9 صفحة : 215
ذراع، فكمن في ظل حائط ثم قال: أمانة اللَّه في عنقك أن [لا] [1] تخبر بما ألقي إليك أحدا. فقلت: يا سيدي، هذه مخاطبة الأخ أخاه، و أنا عبد يخاطبني مولاي بمثل هذا.
فقال: و اللَّه لتقولن إني لا أقولها لأحد، و إنها أمانة حتى أؤديها إليك عند اللَّه. قال:
فعلت. فكشف عن بطنه/، فإذا حرير قد عصب بن بطنه و ظهره، ثم حول إلى قفاه فأخذ ثيابه عن ظهره، فإذا قروح و نقابات قد واراها بخرق و أدوية، و قال: منذ كم ترى هذا بي؟ قلت: لا أدري. قال: ظهرت في أول سنة تسع و ثمانين، و اللَّه ما اطلع عليها أحد من الناس إلا بختيشوع، و رجاء، و مسرور، فأما ابن بختيشوع فإنه بلغني أنه أخبر به المأمون، و و اللَّه لئن بقيت لابن الفاعلة لأتركنه يهيم بطلب الخبر حتى يشغله ذلك عن إذاعة السر. و أما مسرور فأخبر الأمين بعلتي، و ما منهم أحد إلا له عليّ حين، فأنّى تصفوا [2] لي حياة و أعز ولدي يحصي أنفاسي، و يستحب علتي، و لقد بلغ من تبرمهم بي و بحياتي أني إذا أردت الركوب جاءوني ببرذون قطوف، و ليس إلا ليزيد في علتي، و يفسد عليّ جوارحي، فأكره أن أظهر هذا لهم، فيستوحشوا مني، و متى استوحشوا أظهروا من العداوة ما كان باطنا، و العامة لهم أرجأ و الخاصة إليهم أميل، و أنا كالخائف بينهم، أصبح فلا أطمع في المساء، و أمسى و لا أطمع في الصباح.
فقلت: يا سيدي، ما أحسن الجواب عن هذا، و لكن أقول: من أرادك بكيد فأراه اللَّه ذلك الكيد في نفسه، و أراه فيك ما يسوءه، و أطال بقاءك، و كبت أعداءك حيث كانوا.
فقال: سمع اللَّه دعاءك، انصرف فإن أشغالك ببغداد كثيرة. فودعته، و كان آخر العهد به.
و روى أبو بكر الصولي/ قال: حدّثنا محمد بن الفضل بن الأسود، حدّثنا علي بن محمد بن سليمان النوفلي قال: حدّثني مسرور قال: دخلت على الرشيد و هو يبكي عند خروجه إلى خراسان آخر خرجة، و في يده قرطاس يقرأه فقال: يا مسرور،