responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 9  صفحة : 151

بك من عند اللَّه فيكون آخر العهد منك و انقطاع الرجاء [1].

فلما قرأ الكتاب طوى البلاد حتى قدم على عمر بن عبد العزيز فقال: ما أقدمك؟

قال: خلعت قلبي بكتابك، لا أعود إلى ولاية حتى ألقى اللَّه عز و جل قال: فبكى هارون بكاء شديدا، ثم قال: زدني رحمك اللَّه.

فقال: يا أمير المؤمنين،

إن العباس عم المصطفى ( صلّى اللَّه عليه و سلّم ) جاء إلى النبي ( صلّى اللَّه عليه و سلّم ) فقال: يا رسول اللَّه، أمّرني على إمارة. فقال له النبي ( صلّى اللَّه عليه و سلّم ): «إن الإمارة حسرة و ندامة يوم القيامة، فإن استطعت أن لا تكون أميرا فافعل».

قال: فبكى هارون بكاء شديدا، و قال له: زدني رحمك اللَّه/.

قال: يا حسن الوجه أنت الّذي يسألك اللَّه عن هذا الخلق يوم القيامة، فإن استطعت أن تقي هذا الوجه من النار فإياك أن تصبح و تمسي و في قلبك غش لأحد من رعيتك،

فإن النبي ( صلّى اللَّه عليه و سلّم )قال: «من أصبح غاشا لرعيته لم يرح [2] رائحة الجنة».

فبكى هارون و قال له: عليك دين؟ قال: نعم، دين لربي لم يحاسبني عليه، فالويل لي ان سألني، و الويل لي إن ناقشني، و الويل لي إن لم ألهم حجتي. قال: أعني من دين العباد. قال: إن ربي لم يأمرني بهذا، أمرني أن أوحده و أطيع أمره، فقال عز و جل: وَ ما خَلَقْتُ الْجِنَّ وَ الْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ما أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَ ما أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ‌ [3].

فقال له: هذه ألف دينار خذها أنفقها على عيالك، و تقوّ بها على عبادتك. فقال:

سبحان اللَّه، أنا أدلك على طريق النجاة و أنت تكافئني [4] بمثل هذا؟ سلّمك اللَّه و وفقك. ثم صمت، فلم يكلمنا، فخرجنا من عنده، فلما صرنا على الباب قال: أبا العباس، إذا دللتني على رجل فدلني على مثل هذا، هذا سيد المسلمين.


[1] في الأصل: «الرحا».

[2] في الأصل: «من أصبح لهم غاشا لم يرح ...».

[3] سورة: الذاريات، الآية: 57.

[4] في الأصل: «تكافني».

اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي    الجزء : 9  صفحة : 151
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست