اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 8 صفحة : 335
قال ابن جرير: و ذكر قوم أنّ سبب موت الهادي: أنه لما أخذ في خلع هارون و البيعة لابنه جعفر خافت الخيزران على هارون منه، فدسّت من جواريها لمّا مرض من غمّه و جلس على وجهه، و وجهت إلى يحيى بن خالد: إنّ الرجل قد توفّي، فأجدد في أمرك [1].
و كان الهادي قد أمر أن لا يسار قدّام الرشيد بحربة، فاجتنبه الناس و تركوه، و طابت نفس هارون بالخلع لشدة خوفه على نفسه، فخلعته جماعة من القواد و بايعوا لجعفر بن موسى [2]، و دخل هارون على موسى فقال له: يا هارون، كأني بك تحدث نفسك بتمام الرؤيا، فقال: إني لأرجو [أن يفضي] [3] الأمر إليّ، فأنصف و أصل، فقال له: ذلك الظن بك، فأجلسه معه و أمر له بألف ألف دينار، و كانت الرؤيا أن المهدي قال: رأيت في منامي كأني دفعت إلى موسى قضيبا و إلى هارون قضيبا فأورق قضيب موسى من [4] أعلاه قليلا، و أورق في قضيب هارون من أوله إلى آخره، فدعا المهدي الحكم بن موسى فقال له: أعبر هذه الرؤيا، فقال: يملكان جميعا فتقل أيام موسى، و يبلغ هارون آخر مدى ما عاش خليفة، و تكون أيامه أحسن أيام. فلم يلبث الهادي إلا يسيرا حتى اعتل ثلاثة أيام و مات.
و حكى أبو بكر الصولي: أنه خرج على ظهر قدمه بثرة، فصارت كاللوزة، و افتصد و مات بعد ثلاث، و جاءت أمه الخيزران/ و به رمق، فأخذت خاتمه من يده و قالت: 151/ أ أخوك أحق بهذا الأمر منك. و هو يرى ذلك و لا يقدر على حيلة.
توفي الهادي بعيساباذ للنصف من ربيع الأول من هذه السنة، و قيل: لثلاث عشرة بقيت من ربيع و هو ابن ست و عشرين سنة، و قيل: ثلاث و عشرين، و صلى عليه أخوه هارون و دفن في بستانه بعيساباذ، و كانت خلافته سنة و شهرا و ثلاثة عشر يوما، و قيل:
سنة و ثلاثة أشهر، و قيل و شهرين و أحد عشر يوما [5].