اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 8 صفحة : 321
و عمّ جده المنصور بن عبد الصمد بن علي، و استدعى الرشيد يحيى بن خالد بن برمك- و كان قد حبسه الهادي لميله إلى هارون، و عزم على قتله و قتل هارون- فحضر يحيى فقلّده الوزارة، و كانت الخيزران هي الناظرة في الأمور، فكان يحيى يعرض عليها [1] و يصدر عن رأيها، و كان الرشيد يقول ليحيى: يا أبي.
و ذكر الصولي: انه كان يحيى يساير الرشيد يوما فقام رجل فقال: يا أمير المؤمنين، عطبت دابتي، فقال: يعطى خمسمائة درهم، فغمزه يحيى، فلما نزل قال:
يا أبة، أومأت إليّ بشيء وقت ما أمرت بالدراهم فما هو؟ فقال: مثلك لا يجرى هذا المقدار على لسانه، إنما يذكر مثلك خمسة آلاف ألف، عشرة آلاف ألف، قال: فإذا سئلت مثل هذا كيف أقول، قال: تقول: نشتري له دابة يفعل به فعل نظرائه.
و لما بويع للرشيد خرج فوصل إلى كرسيّ الجسر فدعا الغوّاصين، فقال لهم:
كان المهديّ وهب لي خاتما شراؤه مائة ألف دينار، فدخلت على أخي و هو في يدي، فلما انصرفت لحقني سليمان الأسود فقال: يأمرك أمير المؤمنين أن تعطيني الخاتم، فرميت/ به في هذا الموضع. فغاصوا فأخرجوه، فسرّ به غاية السرور [2].
و كان الهادي قد خلع الرشيد و بايع لابنه جعفر، و كان خزيمة بن خازم في خمسة آلاف من الموالي عليهم السلاح تلك الليلة، فهجم، فأخذ جعفر من فراشه، فقال: و اللّه لأضربنّ عنقك أو تخلعها، فلما كان من غد ركب الناس إلى باب جعفر، فأتى به خزيمة فأقامه على باب الدار في العلوّ، و الأبواب مغلقة، فنادى جعفر: يا معشر الناس، من كان لي في عنقه بيعة فقد أحللته منها و الخلافة لعمّي هارون، لا حقّ لي فيها [3].
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني الأزهري قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: أخبرني أبو العباس المنصوري، عن عمرو بن بحر قال:
أجمع الرشيد ما لم يجمع لأحد من جد و هزل: وزراؤه البرامكة لم ير مثلهم سخاء [و سرورا] [4]، و قاضيه أبو يوسف، و شاعره مروان بن أبي حفصة كان