ذكر من توفي في هذه السنة من الأكابر
895- بشّار بن برد، أبو معاذ الشاعر، مولى عقيل [1].
ولد أعمى، و كان يشبه الأشياء في شعره، فيأتي بما لا يقدر البصراء عليه، فقيل [له] [2] يوما و قد قال:
كأن مثار النقع فوق رءوسنا * * * و أسيافنا ليل تهاوى كواكبه
ما قال أحد أحسن من هذا التشبيه، فمن أين لك هذا و لم تر الدنيا قط؟
فقال: إن عدم النظر يقوي ذكاء القلب، و يقطع عنه الشغل بما تنظر إليه من الأشياء، فيتوفر حسّه و تذكو قريحته.
و كان الأصمعي يقول: بشّار خاتمة الشعراء، و اللَّه لو لا أن أيامه تأخرت لفضَّلته على كثير منهم.
قال الجاحظ: كان بشار شاعرا خطيبا صاحب منثور و مرواج و سجع و رسائل، و هو المقدّم من الشعراء المحدّثين و هو بصري قدم بغداد [3].
و قال أبو تمام الطائي: أشعر الناس و أشبههم في الشعر كلاما بعد الطبقة الأولى بشّار، و السيد و أبو نواس، و مسلم بن الوليد بعدهم.
و قال أبو عبيدة معمر بن المثنى: قال بشار الشعر و لم يبلغ عشر سنين، و قال ثلاثة عشر ألف بيت جيد، و لا يكون عدد شعر الجاهلية و الإسلام هذا العدد.
قال: و كان بشار يهوى امرأة من أهل البصرة يقال لها عبيدة، فخرجت عن البصرة [4] مع زوجها إلى عمان [فقال بشار]: [5]
هوى صاحبي ريح الشمال إذا جرت * * * و أشهى لقلبي أن تهب جنوب
و ما ذاك إلا أنها حين تنتهي * * * تجيء و فيها من عبيدة طيب
[1] انظر ترجمته في: تاريخ بغداد 7/ 112.
[2] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.
[3] انظر: تاريخ بغداد 7/ 112.
[4] «يقال لها عبيدة فخرجت عن البصرة» ساقطة من ت.
[5] ما بين المعقوفتين ساقط من الأصل.