اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 8 صفحة : 18
مصعب بن بشر قال: سمعت أبي يقول: قام رجل إلى أبي مسلم و هو يخطب فقال له:
ما هذا السواد الّذي أرى عليك؟ فقال: حدّثني أبو الزبير، عن جابر بن عبد اللَّه: أن رسول اللَّه ( صلّى اللَّه عليه و سلّم ) دخل مكة يوم الفتح و عليه عمامة سوداء، و هذه ثياب الهيبة و ثياب الدولة، يا غلام، اضرب عنقه [1].
أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني الأزهري قال: حدّثنا محمد بن جعفر النجار قال: أخبرنا أبو أحمد الجلوذي قال: حدّثنا 10/ أ محمد بن زكويه قال: روي لنا أن أبا مسلم قال: ارتديت الصبر/، و آثرت الكتمان، و حالفت الأحزان و الأشجان، و سامحت المقادير و الأحكام حتى بلغت غاية همتي، و أدركت نهاية بغيتي، ثم أنشأ يقول:
قد نلت بالحزم و الكتمان ما عجزت * * * عنه ملوك بني مروان إذ حشدوا
ما زلت أضربهم بالسيف فانتبهوا * * * من رقدة لم ينمها [2] قبلهم أحد
طفقت أسعى عليهم في ديارهم * * * و القوم في ملكهم بالشام قد رقدوا
و من رعى غنما في أرض مسبعة * * * و نام عنها تولى رعيها الأسد
[قال علماء السير] [3]: ظهر أبو مسلم لخمس بقين من رمضان سنة تسع و عشرين و مائة، ثم سار إلى أبي العباس أمير المؤمنين سنة ست و ثلاثين و قيل [4] في سنة سبع و ثلاثين بالمدائن. فبقي أبو مسلم فيما كان فيه ثمانية و سبعين شهرا غير ثلاثة عشر يوما.
و قد ذكرنا كيفية قتله في حوادث هذه السنة.
قال مؤلف الكتاب: نقلت من خط أبي ألوفا بن عقيل قال: وجدت في تعاليق محقق من أهل العلم: أن سبعة مات كل واحد منهم و له ست و ثلاثون سنة، فعجبت من قصر أعمارهم مع بلوغ كل منهم الغاية فيما كان فيه، و انتهى إليه، فمنهم: الإسكندر ذو القرنين، و أبو مسلم صاحب الدولة العباسية، و ابن المقفع صاحب الخطابة و الفصاحة، و سيبويه صاحب التصانيف و المتقدم في علم العربية، و أبو تمام الطائي و ما بلغ من الشعر