اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 8 صفحة : 108
محتجا بما كان السفاح وعده، فوجّه إليه المنصور أبا مسلم صاحب الدولة، فحاربه بنصيبين، فانهزم عبد اللَّه و اختفى، و صار إلى البصرة إلى أخيه سليمان بن علي، فأقام عنده إلى أن أخذ له أمانا من المنصور، فقدم إلى المنصور، و لم يصل إليه فحبسه، فلم يزل في الحبس حتى وقع عليه البيت الّذي حبس فيه في ليلة مطيرة فقتله في هذه السنة، و هو ابن اثنتين و خمسين سنة.
و قيل: بل كان عمره خمسا و أربعين. و دفن في مقابر باب الشام، فكان أوّل من دفن بها.
و قد روى أصحاب التواريخ أن المنصور قال لابن عياش المنتوف- و كان له انبساط على المنصور- على طريق المزاح: تعرف ثلاثة أوّل أسمائهم عين، قتلوا ثلاثة أوائل أسمائهم عين؟ قال: نعم، عبد الرحمن قتل علي بن أبي طالب، و عبد الملك بن مروان قتل عبد اللَّه بن الزبير، و وقع البيت على عمك عبد اللَّه.
و كان قد كتب العهد لعبد اللَّه و استوثق فيه، و غلظ في الإيمان [1]، و فيه: أن أحجّ حافيا حاسرا، و أموالي و أملاكي حبيس في سبيل اللَّه، و أقول كذا و كذا، و أبرأ من كذا و كذا.
فلما وقف المنصور على هذا المكتوب قال: متى وقعت عليه عيني فهذا كله 53/ أ يلزمني. فلما جيء به/ أعلم بمجيئه، فقال: يدخل بيتا. و كان قد أعدّ له بيتا بني أساسه بالملح، فلما استقر فيه أجري الماء حواليه فانهدم البيت عليه.
و ذكر أبو بكر الصولي عن عبد اللَّه بن عياش قال: قال لنا المنصور: أخبروني عن خليفة أول اسمه عين، قتل ثلاثة جبابرة أول أسمائهم عين؟ فقلت: عبد الملك بن مروان قتل عمرو بن سعيد بن العاص، و عبد اللَّه بن الزبير، و عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث. قال: فخليفة آخر أوّل اسمه عين [2] فعل مثل ذلك بثلاثة جبابرة أوّل أسمائهم عين. قلت: أنت يا أمير المؤمنين عبد اللَّه بن محمد قتلت أبا مسلم و اسمه عبد الرحمن، و قتلت عبد الجبار بن عدي، و سقط البيت على عمك عبد اللَّه. فضحك المنصور و قال: ويحك، و ما ذنبي إذا سقط البيت عليه.