اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 8 صفحة : 105
و الثالث: أنه ذهب إليه ثلاثون نفسا، فسألوه أن ينزل عن الخلافة، فلم يفعل، فخرجوا فأخبروا المنصور أنه قد نزل و شهدوا عليه بذلك، فكتب بذلك إلى الأنبار، فلما أنكر شهدوا عليه.
و الرابع: أن سالم بن قتيبة أشار عليه بذلك فقبل منه.
و الخامس: أنه بذل له مال فخرج إلى الناس، فقال:/ قد بعت نصيبي من مقدمة ولاية العهد من أمير المؤمنين لابنه المهدي بعشرة آلاف ألف درهم و ثلاثمائة ألف بين يدي ولدي فلان و فلان و سبعمائة ألف من فلانة- امرأة من نسائه- بطيب نفس مني، لأنه أولى بها مني و أحق، فما أدعيه بعد يومي هذا فإنّي فيه مبطل. و كساه أبو جعفر و كسا أولاده بقيمة ألف ألف درهم و مائتي ألف درهم، و كان ولاية عيسى الكوفة و سوادها و ما حولها ثلاث عشرة سنة، حتى عزل محمد بن سليمان حين امتنع من تقديم المهدي على نفسه.
و قال المنصور للمهدي لما عهد إليه: يا أبا عبد اللَّه، استدم النعمة بالشكر و القدرة بالعفو، و الطاعة بالتألّف، و النصر بالتواضع، و لا تبرم أمرا حتى تفكر فيه، فإن فكر العاقل مرآته تريه حسنه و سيئه. و اعلم أنه لا يصلح السلطان إلا بالتقوى، و لا يصلح رعيته إلا بالطاعة، و لا تعمر البلاد بمثل العدل، و لا تدوم نعمة السلطان و طاعته إلا بالمال، و أقدر الناس على العفو أقدرهم على العقوبة، و أعجز الناس من ظلم من هو دونه، و اعتبر عمل صاحبك و علمه باختباره، و من أحب الحمد أحسن السيرة، و ليس العاقل الّذي يحتال للأمر الّذي وقع فيه حتى يخرج منه، و لكن هو الّذي يحتال للأمر الّذي غشيه حتى لا يقع فيه.
و قال له يوما: كم دابة عندك؟ قال: لا أدري. قال: هذا و اللَّه التضييع، أنت لأمر الخلافة أشد تضييعا.
و في هذه السنة: ولى أبو جعفر محمد بن العباس ابن أخيه البصرة، فاستعفى منها فأعفاه، فانصرف عنها إلى مدينة النبي ( صلّى اللَّه عليه و سلّم )، فمات بها. و استخلف على البصرة عقبة بن مسلم، و أقره أبو جعفر عليها.
و فيها: ضرب مالك بن أنس.
أنبأنا زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أحمد بن الحسين البيهقي قال: سمعت أبا أحمد
اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 8 صفحة : 105