اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 8 صفحة : 103
و كذا. فقال: أراد أن يقتلك و يقتله، أمرك بقتله سرا، ثم يدّعيه عليك علانية فيقيدك به.
قال: فما الرأي؟ قال: أن تستره في منزلك و لا تطلع على ذلك أحدا، فإن طلبه منك علانية دفعته إليه علانية، و لا تدفعه إليه سرا أبدا، فإنه إن كان أسرّه إليك سيظهر، ففعل ذلك عيسى.
و قدم المنصور و دسّ على عمومته من يحرّكهم على مسألته فيه هبة [عبد اللَّه بن عليّ لهم] [1] و يطمعهم أنه سيفعل- يعني المنصور [2]- فجاءوا إليه فكلموه و رقّقوه، و أظهروا له الرّقة، و ذكروا له الرحم. فقال المنصور: نعم عليّ بعيسى بن موسى. فأتى فقال: يا عيسى/، قد علمت أني دفعت إليك عمي و عمك عبد اللَّه بن علي قبل خروجي [إلى] [3] الحج، و أمرتك أن يكون في منزلك. قال: قد فعلت ذلك. قال: و قد كلمني عمومتك فيه، فرأيت الصفح و تخلية سبيله، فأتنا به. فقال: يا أمير المؤمنين، أ لم تأمرني بقتله؟ فقال المنصور: ما أمرتك بقتله. فقال: يا أمير المؤمنين، أنت أمرتني بقتله. فقال: كذبت، ما أمرتك بقتله. ثم قال لعمومته: إن هذا قد أقرّ لكم بقتل أخيكم، و ادّعى أني أمرته بذلك، و قد كذب. قالوا: فادفعه إلينا نقيده [4]. قال: شأنكم به. فأخرجوه إلى الرّحبة، و اجتمع الناس، و اشتهر الأمر، فقام أحدهم و شهر سيفه و تقدم إلى عيسى ليضربه، فقال له عيسى: أ قاتلي أنت؟ قال: إي و اللّه. قال: لا تعجلوا، ردّوني إلى أمير المؤمنين. فردّوه إليه. فقال: إنما أردت بقتله أن تقتلني، هذا عمّك حيّ سويّ، إن أمرتني بدفعه إليك دفعته. قال: ائتنا به. فقال له عيسى: دبّرت عليّ أمرا فحسبته فكان كما حسبت، فشأنك بعمك. فأمر به فجعل في بيت.