اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 295
الواثق لما رأى في المنام أن السد الّذي سدّه ذو القرنين ببناء بين يأجوج و مأجوج انفتح وجهني فقال: عاينه و اتني بخبره، و ضم إليّ خمسين رجلا و وصلني بخمسة آلاف دينار و أعطاني ديتي عشرة آلاف درهم، و أمر بإعطاء كل رجل معي ألف درهم و رزق ستة أشهر، و أعطاني مائتي بغل يحمل الزاد و الماء. فشخصنا من سرمنرأى بكتاب من الواثق إلى إسحاق بن إسماعيل صاحب أرمينية و هو بتفليس، في إنفاذنا فكتب لنا إلى إسحاق صاحب السرير، و كتب لنا ذاك إلى ملك الدّان، فكتب لنا إلى قلانشاه، فكتب لنا إلى ملك الخرز، [و سرنا من عند ملك الخرز]، يوما و ليلة، ثم وجه معنا خمسين رجلا أدلاء، فسرنا من عنده خمسة و عشرين يوما، ثم سرنا إلى أرض سوداء منتنة الريح و قد كنا تزودنا قبل دخولها طيبا/ نشمه للرائحة المكروهة، فسرنا فيها عشرة أيام، ثم صرنا إلى مدن خراب فسرنا فيها سبعة و عشرين يوما فسألنا عن تلك المدن التي كان يأجوج و مأجوج طرقوها فخربوها، ثم صرنا إلى حصون بالقرب من جبل السد في شعب منه.
و في تلك الحصون قوم يتكلمون بالعربية و الفارسية مسلمون يقرءون القرآن، لهم كتاتيب و مساجد، فسألوا: من أين أقبلتم؟ فأخبرناهم أنّا رسل أمير المؤمنين، فأقبلوا يتعجبون و يقولون: أمير المؤمنين!! قلنا: نعم، فقالوا: أ شيخ هو أم شاب؟ فقلنا:
شاب، فتعجبوا و قالوا: أين يكون؟ قلنا: بالعراق في مدينة يقال لها سرمنرأى، فقالوا:
ما سمعنا بهذا قط.
ثم سرنا إلى جبل أملس ليس عليه خضراء، و إذا جبل مقطوع بواد عرضه مائة و خمسون ذراعا [1]، [و فيه السد] [2]، و إذا عضادتان مبنيتان للمشي مما يلي الجبل من جنبتي الوادي، عرض كل عضادة خمسة و عشرون ذراعا الظاهر من تحتها عشرة أذرع خارج الباب، و عليه بناء مكين من حديد مغيب في نحاس في سمك خمسين ذراعا. و إذا دروند حديد طرفاه على العضادتين، طوله مائة و عشرون ذراعا، قد ركب على العضادتين، على كل واحد بمقدار عشرة أذرع في عرض خمسة أذرع، و فوق الدروند