اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 262
قال ابن عباس: لو لم يتبع بردها سلاما لمات إبراهيم من بردها و لم تبق نار يومئذ في الأرض إلا طفئت، ظنت أنها هي التي تعنى.
فلما طفئت النار نظروا إلى إبراهيم فإذا هو و رجل آخر معه، فإذا رأس إبراهيم في حجره يمسح عن وجهه العرق و ذكروا أن ذلك الرجل هو ملك الظل، فأخرجوا إبراهيم و أدخلوه على الملك [1].
و قال ابن إسحاق [2]: بعث اللَّه ملك الظل فقعد مع إبراهيم يؤنسه، فمكث نمرود أياما لا يشك أن النار قد أكلت إبراهيم [ثم ركب فنظر فإذا إبراهيم] [3] و إلى جنبه رجل جالس، فناداه نمرود: يا إبراهيم، كبير إلهك الّذي بلغت قدرته أن حال بين ما أرى و بينك، هل تستطيع أن تخرج منها؟
فقام إبراهيم يمشي حتى خرج، فقال له: يا إبراهيم، من الرجل الّذي رأيت معك؟ قال: ملك الظل، أرسله ربي ليؤنسني. فقال: إني مقرب إلى إلهك قربانا لما رأيت من قدرته، فقال: إنه لا يقبل منك ما كنت على دينك، فقال: لا أستطيع ترك ملكي، و لكن سوف أذبحها له، فذبح أربعة آلاف بقرة [4]، و كفّ عن إبراهيم.
و استجاب لإبراهيم رجال من قومه لما رأوا من تلك الآية على خوف من نمرود، فأمن له لوط- و كان ابن أخيه- و هو لوط بن هاران بن تارخ، و هاران أخو إبراهيم، و هو الّذي بنى مدينة حرّان و إليه تنسب. و آمنت به سارة و هي ابنة عمه فتزوجها [5].
قال السدي عن أشياخه [6]: لما انطلق إبراهيم و لوط إلى الشام لقي إبراهيم سارة و هي بنت ملك حرّان و قد طعنت على قومها في دينهم، فتزوجها على أن لا يغيرها.
[1] الخبر في تاريخ الطبري 1/ 241، 242، و تفسيره 17/ 33.