اسم الکتاب : المنتظم في تاريخ الأمم و الملوك المؤلف : ابن الجوزي الجزء : 1 صفحة : 259
و اختلفوا في المكان الّذي ولد فيه، فقال بعضهم: ولد في بابل من أرض السواد، و قال بعضهم: بالسواد بناحية كوثى، و قال بعضهم: ولد [بالسوس] [1] من أرض الأهواز. و قيل: كان بناحية كسكر ثم نقله أبوه إلى ناحية كوثى، و هي المكان الّذي كان به نمرود. و قيل: كان مولده بحرّان، و لكن أباه نقله إلى أرض بابل [2].
و عامة العلماء على أن الخليل ولد في عهد نمرود بن كنعان بن سنحاريب بن نمرود بن كوش بن حام. و كان نمرود هذا قد ملك الشرق و الغرب. و بعض المؤرخين يقول: نمرود هذا هو الضحاك، و هو الّذي أراد إحراق الخليل، و قد سبق ذكره.
قال السدي عن أشياخه: أول ملك ملك الأرض شرقها و غربها نمرود بن كنعان.
و كانت الملوك الذين ملكوا الأرض كلها [أربعة:] نمرود، و سليمان بن داود، و ذو القرنين، و نصر [3].
قال العلماء بالسير [4]: لم يكن بين نوح و إبراهيم نبيّ إلا هود و صالح، فلما أراد اللَّه تعالى إظهار إبراهيم قال المنجمون لنمرود: إنّا نجد في علمنا أن غلاما يولد في قريتك هذه يقال له إبراهيم يفارق دينكم و يكسر أوثانكم في شهر كذا و كذا من سنة كذا و كذا، فلما دخلت السنة المذكورة بعث نمرود إلى كل امرأة حاملة بقريته فحبسها عنده و لم يعلم بحمل أم إبراهيم، فجعل لا يولد غلام في ذلك الشهر إلا ذبحه.
فلما وجدت أم إبراهيم الطّلق خرجت ليلا إلى مغارة ثم ولدت إبراهيم فيها و أصلحت من شأنه ثم سدّت عليه المغارة ثم رجعت إلى بيتها و كانت تطالعه في المغارة لتنظر ما فعل، فتجده يمص إبهامه- قد جعل اللَّه رزقه في ذلك، و كان آزر قد سألها عن حملها، فقالت: ولدت غلاما فمات فسكت عنها. فكان إبراهيم يشب في شهر شباب سنة.
فلما تكلم قال لأمه: أخرجيني انظر، فنظر و قال: إن الّذي رزقني و أطعمني ما لي