responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، عزالدین    الجزء : 2  صفحة : 317
أَنْ يَكْفِيَكَ اللَّهُ مَا حَوْلَهَا، وَيُعِينَكَ عَلَيْهَا، وَقَدْ كَتَبْتُ إِلَى الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ أَنْ يُمِدَّكَ بِعَرْفَجَةَ بْنِ هَرْثَمَةَ، وَهُوَ ذُو مُجَاهَدَةٍ وَمُكَايَدَةٍ لِلْعَدُوِّ، فَإِذَا قَدِمَ عَلَيْكَ فَاسْتَشِرْهُ، وَادْعُ إِلَى اللَّهِ، فَمَنْ أَجَابَكَ فَاقْبَلْ مِنْهُ، وَمَنْ أَبَى فَالْجِزْيَةُ وَإِلَّا فَالسَّيْفُ، وَاتَّقِ اللَّهَ فِيمَا وُلِّيتَ، وَإِيَّاكَ أَنْ تُنَازِعَكَ نَفْسُكَ إِلَى كِبْرٍ مِمَّا يُفْسِدُ عَلَيْكَ إِخْوَتَكَ، وَقَدْ صَحِبْتَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَعُزِّزْتَ بِهِ بَعْدَ الذِّلَّةِ، وَقُوِّيتَ بِهِ بَعْدَ الضَّعْفِ، حَتَّى صِرْتَ أَمِيرًا مُسَلَّطًا وَمَلِكًا مُطَاعًا، تَقُولُ فَيُسْمَعُ مِنْكَ، وَتَأْمُرُ فَيُطَاعُ أَمْرُكَ، فَيَا لَهَا نِعْمَةٌ! إِنْ لَمْ تَرْفَعْكَ فَوْقَ قَدْرِكَ وَتَبْطَرْكَ عَلَى مَنْ دُونَكَ، وَاحْتَفِظْ مِنَ النِّعْمَةِ احْتِفَاظَكَ مِنَ الْمَعْصِيَةِ، وَلَهِيَ أَخْوَفُهُمَا عِنْدِي عَلَيْكَ أَنْ تَسْتَدْرِجَكَ وَتَخْدَعَكَ، فَتَسْقُطَ سَقْطَةً تَصِيرُ بِهَا إِلَى جَهَنَّمَ، أُعِيذُكَ بِاللَّهِ وَنَفْسِي مِنْ ذَلِكَ. إِنَّ النَّاسَ أَسْرَعُوا إِلَى اللَّهِ حِينَ رُفِعَتْ لَهُمُ الدُّنْيَا فَأَرَادُوهَا، فَأَرِدِ اللَّهَ وَلَا تُرِدِ الدُّنْيَا، وَاتَّقِ مَصَارِعَ الظَّالِمِينَ. انْطَلِقْ أَنْتَ وَمَنْ مَعَكَ حَتَّى إِذَا كُنْتُمْ فِي أَقْصَى الْعَرَبِ وَأَدْنَى أَرْضِ الْعَجَمِ فَأَقِيمُوا.
فَسَارَ عُتْبَةُ وَمَنْ مَعَهُ، حَتَّى إِذَا كَانُوا بِالْمِرْبَدِ تَقَدَّمُوا حَتَّى بَلَغُوا حِيَالَ الْجِسْرِ الصَّغِيرِ فَنَزَلُوا. فَبَلَغَ صَاحِبَ الْفُرَاتِ خَبَرُهُمْ، فَأَقْبَلَ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ فَالْتَقَوْا، فَقَاتَلَهُمْ عُتْبَةُ بَعْدَ الزَّوَالِ، وَكَانَ فِي خَمْسِمِائَةٍ، فَقَتَلَهُمْ أَجْمَعِينَ، وَلَمْ يُبْقِ إِلَّا صَاحِبَ الْفُرَاتِ فَأَخَذَهُ أَسِيرًا، ثُمَّ خَطَبَ عُتْبَةُ أَصْحَابَهُ وَقَالَ: إِنَّ الدُّنْيَا قَدْ تَصَرَّمَتْ وَوَلَّتْ حَذَّاءَ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا صُبَابَةٌ كَصُبَابَةِ الْإِنَاءِ، أَلَا وَإِنَّكُمْ مُنْتَقِلُونَ مِنْهَا إِلَى دَارِ الْقَرَارِ، فَانْتَقِلُوا بِخَيْرِ مَا بِحَضْرَتِكُمْ، وَقَدْ ذُكِرَ لِي: لَوْ أَنَّ صَخْرَةً أُلْقِيَتْ مِنْ شَفِيرِ جَهَنَّمَ لَهَوَتْ سَبْعِينَ خَرِيفًا، وَلَتُمْلَأَنَّهُ ; أَوَعَجِبْتُمْ! وَلَقَدْ ذُكِرَ لِي أَنَّ مَا بَيْنَ مِصْرَاعَيْنِ مِنْ مَصَارِيعِ الْجَنَّةِ مَسِيرَةَ أَرْبَعِينَ خَرِيفًا، وَلَيَأْتِيَنَّ عَلَيْهِ يَوْمٌ وَهُوَ كَظِيظٌ، [بِزِحَامٍ] ، وَلَقَدْ رَأَيْتُنِي وَأَنَا سَابِعُ سَبْعَةٍ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، مَا لَنَا طَعَامٌ إِلَّا وَرَقُ السَّمُرِ حَتَّى تَقَرَّحَتْ أَشْدَاقُنَا، وَالْتَقَطْتُ بُرْدَةً فَشَقَقْتُهَا بَيْنِي وَبَيْنَ سَعْدٍ، فَمَا مِنَّا [مِنْ] أُولَئِكَ السَّبْعَةِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا وَهُوَ أَمِيرُ مِصْرٍ مِنَ الْأَمْصَارِ،
اسم الکتاب : الكامل في التاريخ المؤلف : ابن الأثير، عزالدین    الجزء : 2  صفحة : 317
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست