responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الفتوح لابن اعثم المؤلف : ابن أعثم    الجزء : 7  صفحة : 48
بعضهم من بعض، ثم أقبل رجل من الأزارقة حتى وقف بين الجمعين، قال:
وجعل يرتجز ويقول:
إن كان قد فارقتنا عبيده ... وقطري ذو المدى البعيده
فعبد رب حمزه عنيده ... وشوكه وكيده شديده [1]
قال: ثم حمل على أصحاب المهلب فكبا به فرسه فسقط إلى الأرض، فأخذ أسيرا وأتي به إلى المهلب حتى وقف بين يديه، فقال المهلب: اضربوا عنقه! فقال: أيها الأمير! أنا ابن عم لك، أنا رجل من الأزد من بارق، وأما صاحب الشعر البارحة. قال: فخلى عنه المهلب ولم يقتله. واختلط القوم فاقتتلوا قتالا شديدا، وصاح عبد ربه بأصحابه: يا معشر المهاجرين! روحوا إلى الله فإن القوم رائحون إلى النار. قال: فعندها كلبت الأزارقة واشتد القتال، ونزل عبد ربه عن فرسه فكسر جفن سيفه، ونزلت معه الأزارقة وكسروا جفون سيوفهم، وعزموا على الموت.
ونادى المهلب بأصحابه: يا معشر المسلمين! إن هذا يوم له ما بعده من الأيام وبصبركم أمس بلغتم اليوم، وبصبركم اليوم تبلغون غدا. قال: وكثرت القتلى في الأزارقة وعضهم السلاح وكأنهم كاعوا عن الحرب، ونظر المهلب إلى ذلك، فجمع أولاده وأبطال أصحابه، ثم حمل وحملوا معه، فقتل عبد ربه وقتل معه قريب من أربعة آلاف رجل في ربضة واحدة، وسالت دماؤهم إلى وادي جيرفت حتى احمر ماء الوادي، وبقي الباقون بلا نظام فولوا هاربين، فمنهم من دخل إلى مدينة جيرفت، ومنهم من استأمن إلى المهلب فأمنه، ومنهم من هرب على وجهه في البلاد. ودخل المهلب إلى مدينة جيرفت فاحتوى على ما كان فيها من أمتعة الأزارقة ودوابهم وسلاحهم وأموالهم ونسائهم وأولادهم [2] ، فأنشأ كعب بن معدان الأشقري [3] يقول في ذلك أبياتا مطلعها:
ألم يأتها أن الأزارق شردوا ... وصارت عليهم في البلاد الفضائح
إلى آخرها.

[1] الأشطار في شعر الخوارج ص 152.
[2] انظر تفاصيل حول هذه المعركة الكامل للمبرد 3/ 1339 والكامل لابن الأثير 3/ 129 حوادث سنة 77.
[3] الأصل: الأشعري.
اسم الکتاب : الفتوح لابن اعثم المؤلف : ابن أعثم    الجزء : 7  صفحة : 48
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست