responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 8  صفحة : 286
خِلَافَةُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ
بُويِعَ لَهُ بِالْخِلَافَةِ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ، فَلَمَّا مَاتَ أَبُوهُ في ثالث رمضان منها جددت له البيعة بدمشق ومصر وأعمالهما، فَاسْتَقَرَّتْ يَدُهُ عَلَى مَا كَانَتْ يَدُ أَبِيهِ عَلَيْهِ، وَقَدْ كَانَ أَبُوهُ قَبْلَ وَفَاتِهِ بَعَثَ بَعْثَيْنِ أَحَدُهُمَا مَعَ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ إِلَى الْعِرَاقِ لِيَنْتَزِعهَا مِنْ نُوَّابِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَلَقِيَ فِي طَرِيقِهِ جَيْشَ التَّوَّابِينَ مَعَ سُلَيْمَانَ بْنِ صُرَدٍ عِنْدَ عَيْنِ الْوَرْدَةِ، فَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا تَقَدَّمَ، مِنْ ظَفَرِهِ بِهِمْ، وَقَتْلِهِ أَمِيرَهُمْ وَأَكْثَرَهُمْ.
وَالْبَعْثُ الْآخَرُ مَعَ حُبَيْشِ بْنِ دُلَجَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ لِيَرْتَجِعَهَا مِنْ نَائِبِ ابْنِ الزُّبَيْرِ، فَسَارَ نَحْوَهَا، فَلَمَّا انْتَهَى إِلَيْهَا هَرَبَ نَائِبُهَا جَابِرُ بْنُ الْأَسْوَدِ بْنِ عَوْفٍ، وَهُوَ ابْنُ أَخِي عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، فَجَهَّزَ نَائِبُ الْبَصْرَةِ مِنْ قِبَلِ ابْنِ الزُّبَيْرِ وَهُوَ الحارث بن عبد الله بن رَبِيعَةَ، جَيْشًا مِنَ الْبَصْرَةِ إِلَى ابْنِ دُلَجَةَ بالمدينة، فلمَّا سمع بهم حُبيش بْنُ دُلَجَةَ سَارَ إِلَيْهِمْ.
وَبَعَثَ ابْنُ الزُّبَيْرِ عبَّاس [1] بْنَ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ نَائِبًا عن الْمَدِينَةِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسِيرَ فِي طَلَبِ حُبيش، فَسَارَ فِي
طَلَبِهِمْ حَتَّى لَحِقَهُمْ بِالرَّبَذَةِ فَرَمَى يَزِيدُ بْنُ سِيَاهٍ [2] حُبيشاً بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ، وَقُتِلَ بَعْضُ أَصْحَابِهِ وَهُزِمَ الْبَاقُونَ، وَتَحَصَّنَ مِنْهُمْ خَمْسُمِائَةٍ فِي الْمَدِينَةِ ثُمَّ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ عبَّاس بْنِ سَهْلٍ فَقَتَلَهُمْ صَبْرًا، وَرَجَعَ فَلّهم إِلَى الشَّامِ.
قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَلَمَّا دَخَلَ يَزِيدُ بْنُ سِيَاهٍ الْأَسْوَارِيُّ قَاتِلُ حُبَيْشِ بْنِ دُلَجَةَ إِلَى الْمَدِينَةِ مَعَ عبَّاس بْنِ سَهْلٍ كَانَ عَلَيْهِ ثِيَابُ بَيَاضٍ وَهُوَ رَاكِبٌ بِرْذَوْنًا أَشْهَبَ، فَمَا لَبِثَ أَنِ اسْوَدَّتْ ثِيَابُهُ وَدَابَّتُهُ مِمَّا يَتَمَسَّحُ النَّاسُ بِهِ وَمِنْ كَثْرَةِ مَا صَبُّوا عليه من الطيب والمسك.
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ اشْتَدَّتْ شَوْكَةُ الْخَوَارِجِ بِالْبَصْرَةِ، وَفِيهَا قَتَلَ نَافِعَ بْنَ الْأَزْرَقِ وَهُوَ رَأْسُ الْخَوَارِجِ وَرَأْسُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، مُسْلِمُ بْنُ عُبَيْسٍ فَارِسُ أَهْلِ الْبَصْرَةِ، ثُمَّ قتله ربيعة السلوطي وَقُتِلَ بَيْنَهُمَا نَحْوُ خَمْسَةِ أُمَرَاءَ، وَقُتِلَ فِي وَقْعَةِ الْخَوَارِجِ قُرَّةُ بْنُ إِيَاسٍ الْمُزَنِيُّ أَبُو مُعَاوِيَةَ، وَهُوَ مِنَ الصَّحَابَةِ.
وَلَمَّا قُتِلَ نَافِعُ بْنُ الْأَزْرَقِ رَأَّسَتِ الْخَوَارِجُ عَلَيْهِمْ عُبَيْدَ اللَّهِ بْنَ مَاحُوزَ [3] ، فَسَارَ بِهِمْ إِلَى الْمَدَائِنِ فَقَتَلُوا أَهْلَهَا ثُمَّ غَلَبُوا عَلَى الْأَهْوَازِ وَغَيْرِهَا، وَجَبَوُا الْأَمْوَالَ وَأَتَتْهُمُ الْأَمْدَادُ مِنَ الْيَمَامَةِ وَالْبَحْرَيْنِ، ثُمَّ سَارُوا إِلَى أَصْفَهَانَ وَعَلَيْهَا عَتَّابُ بْنُ وَرْقَاءَ الرِّيَاحِيُّ، فَالْتَقَاهُمْ فَهَزَمَهُمْ، وَلَمَّا قُتِلَ أَمِيرُ الْخَوَارِجِ ابْنُ مَاحُوزَ كَمَا سَنَذْكُرُ، أَقَامُوا عَلَيْهِمْ قَطَرِيُّ بن الفجاءة أميرا.

[1] في الطبري 7 / 84: عياش.
[2] في الكامل 4 / 191: يزيد بن سنان، وفي الطبري: جاءه سهم غرب فقتله، وعنده في رواية أخرى عن علي بن محمد: قتله يزيد بن سياه.
[3] من الكامل 4 / 195 والطبري 7 / 86: وفي الاصل: ماجور وفي الاخبار الطوال: ماحور.
وقد صحح في كل المواضع.
(*)
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 8  صفحة : 286
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست