responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 8  صفحة : 241
وقد مرَّ به مروان وهو مجندل فَقَالَ: رَحِمَكَ اللَّهُ فَكَمْ مِنْ سَارِيَةٍ قَدْ رَأَيْتُكَ تُطِيلُ عِنْدَهَا الْقِيَامَ وَالسُّجُودَ.
ثُمَّ أَبَاحَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ، الَّذِي يَقُولُ فِيهِ السَّلف مسرف بن عقبة - قبحه الله من شيخ سوء ما أجهله - المدينة ثلاث أَيَّامٍ كَمَا أَمَرَهُ يَزِيدُ، لَا جَزَاهُ اللَّهُ خَيْرًا، وَقَتَلَ خَلْقًا مِنْ أَشْرَافِهَا وَقُرَّائِهَا وَانْتَهَبَ أَمْوَالًا كَثِيرَةً مِنْهَا، وَوَقَعَ شرُّ عَظِيمٌ وَفَسَادٌ عَرِيضٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ.
فَكَانَ مِمَّنْ قُتِلَ بَيْنَ يَدَيْهِ صَبْرًا مَعْقِلُ بْنُ سنان، وَقَدْ كَانَ صَدِيقَهُ قَبْلَ ذَلِكَ [1] ، وَلَكِنْ أَسْمَعَهُ فِي يَزِيدَ كَلَامًا غَلِيظًا فَنَقَمَ عَلَيْهِ بِسَبَبِهِ، وَاسْتَدْعَى بِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ فَجَاءَ يَمْشِي بَيْنَ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ وَابْنِهِ عَبْدِ الْمَلِكِ، لِيَأْخُذَ لَهُ بِهِمَا عِنْدَهُ أَمَانًا، وَلَمْ يَشْعُرْ أَنَّ يزيد أَوْصَاهُ بِهِ، فَلَمَّا جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْهِ اسْتَدْعَى مَرْوَانُ بِشَرَابٍ - وَقَدْ كَانَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ حَمَلَ مَعَهُ مِنَ الشَّامِ ثَلْجًا إِلَى الْمَدِينَةِ فكان يشاب له بشرابه - فلما جئ بِالشَّرَابِ شَرِبَ مَرْوَانُ قَلِيلًا ثُمَّ أَعْطَى الْبَاقِيَ لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ لِيَأْخُذَ لَهُ بِذَلِكَ أَمَانًا، وكان مروان مواذا لِعَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ قَدْ أَخَذَ الْإِنَاءَ فِي يَدِهِ قَالَ لَهُ: لَا تَشْرَبْ مِنْ شَرَابِنَا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: إِنَّمَا جِئْتَ مَعَ هَذَيْنَ لِتَأْمَنَ بِهِمَا؟ فَارْتَعَدَتْ يَدُ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ وَجَعَلَ لَا يَضَعُ الْإِنَاءَ مِنْ يَدِهِ وَلَا يَشْرَبُهُ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: لَوْلَا أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْصَانِي بِكَ لَضَرَبْتُ عُنُقَكَ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: إِنْ شِئْتَ أَنْ تَشَرَبَ فَاشْرَبْ، وَإِنْ شِئْتَ دعونا لك بغيرها، فقال: هذه الذي فِي كَفِّي أُرِيدُ، فَشَرِبَ ثُمَّ قَالَ لَهُ مسلم بن عقبة: قم إلى ههنا فاجلس، فَأَجْلَسَهُ مَعَهُ عَلَى السَّرِيرِ وَقَالَ لَهُ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَوْصَانِي بِكَ، وَإِنَّ هَؤُلَاءِ شَغَلُونِي عنك.
ثم قال لعلي بن الحسين: لعل أهلك فزعوا، فقال: إِي وَاللَّهِ.
فَأَمَرَ بِدَابَّتِهِ فَأُسْرِجَتْ ثُمَّ حَمَلَهُ عَلَيْهَا حَتَّى رَدَّهُ إِلَى مَنْزِلِهِ مُكَرَّمًا.
ثُمَّ اسْتَدْعَى بِعَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ - وَلَمْ يَكُنْ خَرَجَ مَعَ بَنِي أُمَيَّةَ - فَقَالَ لَهُ: إِنَّكَ إِنْ ظَهَرَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ قُلْتَ أَنَا مَعَكُمْ، وَإِنْ ظَهَرَ أَهْلُ الشَّامِ قُلْتَ أَنَا ابْنُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ، ثُمَّ أَمَرَ بِهِ فَنُتِفَتْ لحيته بين يديه - وكان ذا لحية كبيرة -.
قَالَ الْمَدَائِنِيُّ: وَأَبَاحَ مُسْلِمُ بْنُ عُقْبَةَ الْمَدِينَةَ ثلاثة أيام، يقتلون من وجدوا من النَّاسَ، وَيَأْخُذُونَ الْأَمْوَالَ.
فَأَرْسَلَتْ سُعْدَى بِنْتُ عَوْفٍ المرية إلى مسلم بن عقبة تقول له: أَنَا بِنْتُ عَمِّكَ فَمُرْ أَصْحَابَكَ أَنْ لَا يتعرضوا لإبلنا بمكان كذا وكذا، فقال لأصحابه: لا تبدأوا إلا بأخذ إبلها أولاً.
وجاءته امرأة فقالت: أنا مولاتك فِي الْأُسَارَى، فَقَالَ: عَجِّلُوهُ لَهَا، فَضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وقال: اعطوه رأسه، أما ترضين أن لا يقتل حَتَّى تَتَكَلَّمِي فِي ابْنِكِ؟ وَوَقَعُوا عَلَى النِّسَاءِ حَتَّى قِيلَ إِنَّهُ حَبِلَتْ أَلْفُ امْرَأَةٍ فِي تلك الأيام من غير زوج فالله أعلم.
قَالَ الْمَدَائِنِيُّ عَنْ أَبِي قُرَّةَ قَالَ: قَالَ هِشَامُ بْنُ حَسَّانَ: وَلَدَتْ أَلْفُ امْرَأَةٍ مِنْ أهل المدينة بعد وقعة الْحَرَّةِ مِنْ غَيْرِ زَوْجٍ.
وَقَدِ اخْتَفَى جَمَاعَةٌ من سادات

[1] في ابن الاعثم 5 / 297 - 298: قال مسلم: ابن عمي، وقال معقل: أنا ابن عمك، فأنا رجل من أشجع وأنت من بني مرة ويجمع وإياك قيس غيلان.
(*)
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 8  صفحة : 241
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست