responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 8  صفحة : 238
الْوَدَاعِ، وعَمَّر سِتِّينَ سَنَةً فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَمِثْلَهَا فِي الْإِسْلَامِ، قَالَهُ الْوَاقِدِيُّ.
قَالَ: وَأَدْرَكَ أيَّام يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ، وَقَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ: مَاتَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ.
وَفِيهَا تُوُفِّيَتِ الرَّبَابُ بِنْتُ أنيف امْرَأَةُ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيٍّ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ أَهْلَ الْعِرَاقِ إِذْ هُمْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ أَوْ فِي الْجُمُعَةِ عَلَى زَوْجِهَا الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ ابْنِ بِنْتُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
ثُمَّ دَخَلَتْ سَنَةُ ثَلَاثٍ وَسِتِّينَ
فَفِيهَا كَانَتْ وَقْعَةُ الْحَرَّةِ: وَكَانَ سَبَبَهَا أنَّ أهل المدينة لما خلعوا يزيد بن معاوية وَوَلَّوْا عَلَى قُرَيْشٍ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُطِيعٍ، وَعَلَى الْأَنْصَارِ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حَنْظَلَةَ بْنِ أَبِي عَامِرٍ، فَلَمَّا كَانَ فِي أَوَّلِ هَذِهِ السَّنَةِ أَظْهَرُوا ذلك واجتمعوا عند المنبر فجعل الرَّجُلُ مِنْهُمْ يَقُولُ: قَدْ خَلَعْتُ يَزِيدَ كَمَا خَلَعْتُ عِمَامَتِي هَذِهِ، وَيُلْقِيهَا عَنْ رَأْسِهِ، وَيَقُولُ الْآخَرُ: قَدْ خَلَعْتُهُ كَمَا خَلَعْتُ نَعْلِي هَذِهِ، حتى اجتمع شئ كَثِيرٌ مِنَ الْعَمَائِمِ وَالنِّعَالِ هُنَاكَ، ثُمَّ اجْتَمَعُوا عَلَى إِخْرَاجِ عَامِلِ يَزِيدَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِهِمْ، وَهُوَ عُثْمَانُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ ابن عم يزيد [1] ، وعلى إجلا بَنِي أُمَيَّةَ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَاجْتَمَعَتْ بَنُو أُمَيَّةَ فِي دَارِ مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ، وَأَحَاطَ بِهِمْ أَهْلُ الْمَدِينَةِ يُحَاصِرُونَهُمْ، وَاعْتَزَلَ النَّاسَ عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ " زَيْنُ الْعَابِدِينَ " وَكَذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عمر بن الخطاب لم يخلعا يزيد، ولا أحد من بيت ابن عمر، وَقَدْ قَالَ ابْنُ عُمَرَ لِأَهْلِهِ: لَا يَخْلَعَنَّ أحد منكم يزيد فتكون الْفَيْصَلُ وَيُرْوَى الصَّيْلَمُ بَيْنِي وَبَيْنَهُ، وَسَيَأْتِي هَذَا الْحَدِيثُ بِلَفْظِهِ وَإِسْنَادِهِ فِي تَرْجَمَةِ يَزِيدَ، وَأَنْكَرَ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي مُبَايَعَتِهِمْ لِابْنِ مُطِيعٍ وَابْنِ حَنْظَلَةَ عَلَى الْمَوْتِ، وَقَالَ: إِنَّمَا كُنَّا نُبَايِعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنْ لَا نَفِرَّ، وَكَذَلِكَ لَمْ يَخْلَعْ يَزِيدَ أَحَدٌ مِنْ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ، وَقَدْ سئل محمد بن الحنفية في ذلك فامتنع عن ذلك أشد الامتناع، وَنَاظَرَهُمْ وَجَادَلَهُمْ فِي يَزِيدَ وَرَدَّ عَلَيْهِمْ مَا اتهموا يزيد به من شرب الْخَمْرَ وَتَرْكِهِ بَعْضَ الصَّلَوَاتِ كَمَا سَيَأْتِي مَبْسُوطًا فِي تَرْجَمَةِ يَزِيدَ قَرِيبًا إِنْ شَاءَ اللَّهُ، وَكَتَبَ بَنُو أُمَيَّةَ إِلَى يَزِيدَ [2] بِمَا هُمْ فِيهِ مِنَ الْحَصْرِ وَالْإِهَانَةِ، وَالْجُوعِ وَالْعَطَشِ، وَأَنَّهُ إِنْ لَمْ يَبْعَثْ إِلَيْهِمْ مَنْ يُنْقِذُهُمْ مِمَّا هُمْ فِيهِ وَإِلَّا اسْتُؤْصِلُوا عَنْ
آخِرِهِمْ، وَبَعَثُوا ذَلِكَ مَعَ الْبَرِيدِ، فَلَمَّا قَدِمَ بِذَلِكَ عَلَى يَزِيدَ وَجَدَهُ جَالِسًا عَلَى سَرِيرِهِ وَرِجْلَاهُ فِي ماء يتبرد به مِمَّا بِهِ مِنَ النِّقْرِسِ فِي رِجْلَيْهِ، فَلَمَّا قرأ الكتاب انزعج لذلك وقال: ويلك! ما فيهم ألف رجل؟ قال: بلى، قال: فهل لا قاتلوا ساعة من النهار؟ ثُمَّ بَعَثَ إِلَى عَمْرِو بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ فَقَرَأَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ وَاسْتَشَارَهُ فِيمَنْ يَبْعَثُهُ إليهم، وعرض عليه أن يبعثه إليهم فأبى عليه ذلك، وَقَالَ: إِنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عَزَلَنِي عَنْهَا وَهِيَ مضبوطة وأمورها محكمة، فأما الآن فإنما دماء قريش تراق

[1] في فتوح ابن الاعثم 5 / 292: كان عمرو بن سعيد بن العاص عاملا ليزيد على المدينة - وقد تقدم عزله -.
[2] في الطبري 7 / 5 كتب مروان بن الحكم الكتاب إلى يزيد وأرسله مع حبيب بن قرة.
أما في الاخبار الطوال ص 264: ارتحل مروان من المدينة بولده وأهل بيته حتى لحق بالشام.
(*)
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 8  صفحة : 238
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست