responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 7  صفحة : 97
ثُمَّ نَاهَدُوهُمْ فَاقْتَتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا فِي مَكَانٍ مِنَ الْأَرْضِ يُدْعَى طَاوُسَ، ثُمَّ أَمَرَ خُلَيْدٌ الْمُسْلِمِينَ فَتَرَجَّلُوا وَقَاتَلُوا فَصَبَرُوا، ثُمَّ ظَفِرُوا فَقَتَلُوا فَارِسَ مَقْتَلَةً لَمْ يُقْتَلُوا قَبْلَهَا مِثْلَهَا.
ثُمَّ خَرَجُوا يُرِيدُونَ الْبَصْرَةَ فَغَرِقَتْ بِهِمْ سُفُنُهُمْ، وَلَمْ يَجِدُوا إِلَى الرُّجُوعِ فِي الْبَحْرِ سَبِيلًا وَوَجَدُوا شَهْرَكَ فِي أَهْلِ إِصْطَخْرَ قَدْ أَخَذُوا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالطُّرُقِ، فَعَسْكَرُوا وَامْتَنَعُوا مِنَ الْعَدُوِّ.
وَلَمَّا بلغ عمر ما صُنْعُ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ، اشْتَدَّ غَضَبُهُ عَلَيْهِ، وَبَعَثَ إِلَيْهِ فَعَزَلَهُ وَتَوَعَّدَهُ، وَأَمَرَهُ بِأَثْقَلِ الْأَشْيَاءِ عَلَيْهِ، وَأَبْغَضِ الْوُجُوهِ إِلَيْهِ.
فَقَالَ: الْحَقْ بِسَعْدِ بن أبي وقاص [فيمن قبلك، فخرج بمن معه نحو سعد] [1] مُضَافًا إِلَيْهِ، وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ: إِنَّ الْعَلَاءَ بْنَ الْحَضْرَمِيِّ خَرَجَ بِجَيْشٍ فَأَقْطَعَهُمْ أَهْلُ فَارِسَ وَعَصَانِي، وَأَظُنُّهُ لَمْ يُرِدِ اللَّهَ بِذَلِكَ، فَخَشِيتُ عَلَيْهِمْ أَنْ لَا يُنْصَرُوا، أَنْ يُغْلَبُوا وَيُنْشَبُوا، فَانْدُبْ إِلَيْهِمُ النَّاسَ وَاضْمُمْهُمْ إِلَيْكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُجْتَاحُوا.
فَنَدَبَ عُتْبَةُ الْمُسْلِمِينَ وَأَخْبَرَهُمْ بِكِتَابِ عُمَرَ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ، فانتدب جماعة من الأمراء والابطال، منهم هاشم بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَعَاصِمُ بْنُ عَمْرٍو، وَعَرْفَجَةُ بن هرثمة، وحذيفة بن محصن، والاخنف بْنُ قَيْسٍ، وَغَيْرُهُمْ، فِي اثْنَيْ عَشَرَ الْفًا.
وَعَلَى الْجَمِيعِ أَبُو سَبْرَةَ بْنُ أَبِي رُهْمٍ.
فَخَرَجُوا عَلَى الْبِغَالِ يَجْنُبُونَ الْخَيْلَ سِرَاعًا، فَسَارُوا عَلَى السَّاحِلِ لَا يَلْقَوْنَ أَحَدًا حَتَّى انْتَهَوْا إِلَى مَوْضِعِ الْوَقْعَةِ الَّتِي كَانَتْ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَصْحَابِ الْعَلَاءِ،
وَبَيْنَ أَهْلِ فَارِسَ بِالْمَكَانِ الْمُسَمَّى بِطَاوُسَ، وَإِذَا خُلَيْدُ بْنُ الْمُنْذِرِ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مَحْصُورُونَ قَدْ أَحَاطَ بِهِمُ الْعَدُوُّ مِنْ كُلِّ جَانِبٍ، وَقَدْ تَدَاعَتْ عَلَيْهِمْ تِلْكَ الْأُمَمُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَقَدْ تَكَامَلَتْ أَمْدَادُ الْمُشْرِكِينَ، وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا الْقِتَالُ.
فَقَدِمَ الْمُسْلِمُونَ إِلَيْهِمْ فِي أَحْوَجِ مَا هُمْ فِيهِ إِلَيْهِمْ، فَالْتَقَوْا مَعَ الْمُشْرِكِينَ رَأْسًا، فَكَسَرَ أَبُو سَبْرَةَ الْمُشْرِكِينَ كَسْرَةً عَظِيمَةً، وَقَتَلَ مِنْهُمْ مَقْتَلَةً عَظِيمَةً جِدًّا، وَأَخَذَ مِنْهُمْ أَمْوَالًا جَزِيلَةً بَاهِرَةً، وَاسْتَنْقَذَ خُلَيْدًا وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أيديهم، وأعز به الإسلام وأهله، ودفع الشِّرْكَ وَذَلَّهُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ ثُمَّ عَادُوا إِلَى عُتْبَةَ بْنِ غَزْوَانَ إِلَى الْبَصْرَةِ.
وَلَمَّا اسْتَكْمَلَ عُتْبَةُ فَتْحَ تِلْكَ النَّاحِيَةِ، اسْتَأْذَنَ عُمَرَ فِي الْحَجِّ فَأَذِنَ لَهُ فَسَارَ إِلَى الْحَجِّ وَاسْتَخْلَفَ عَلَى الْبَصْرَةِ أَبَا سَبْرَةَ بْنَ أَبِي رُهْمٍ، وَاجْتَمَعَ بِعُمَرَ فِي الْمَوْسِمِ، وَسَأَلَهُ أَنْ يقيله فلم يفعل، وأقسم عليه لَيَرْجِعَنَّ إِلَى عَمَلِهِ.
فَدَعَا عُتْبَةُ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ فَمَاتَ بِبَطْنِ نَخْلَةَ، وَهُوَ مُنْصَرِفٌ مِنَ الحج، فتأثر عَلَيْهِ عُمَرُ وَأَثْنَى عَلَيْهِ خَيْرًا، وَوَلَّى بَعْدَهُ بِالْبَصْرَةِ الْمُغِيرَةَ بْنَ شُعْبَةَ، فَوَلِيَهَا بَقِيَّةَ تِلْكَ السَّنَةِ وَالَّتِي تَلِيهَا، لَمْ يَقَعْ فِي زَمَانِهِ حَدَثٌ، وَكَانَ مَرْزُوقَ السَّلَامَةِ فِي عَمَلِهِ.
ثُمَّ وَقَعَ الْكَلَامُ فِي تِلْكَ الْمَرْأَةِ مِنْ أَبِي بكرة فكان من أَمْرُهُ مَا قَدَّمْنَا.
ثُمَّ بَعَثَ إِلَيْهَا أَبَا مُوسَى الْأَشْعَرِيَّ وَالِيًا عَلَيْهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ.

[1] بياض بالاصل، وما بين معكوفين من الطبري.
(*)
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 7  صفحة : 97
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست