responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 7  صفحة : 89
سَرْع فِي قَوْلِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، وَقَالَ سَيْفٌ: وَصَلَ إِلَى الْجَابِيَةِ.
قُلْتُ: وَالْأَشْهَرُ أَنَّهُ وَصَلَ سرع، وَقَدْ تَلَقَّاهُ أُمَرَاءُ الْأَجْنَادِ، أَبُو عُبَيْدَةَ، وَيَزِيدُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ، وَخَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ [1] ، إِلَى سرع فَأَخْبَرُوهُ أَنَّ الْوَبَاءَ قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ، فَاسْتَشَارَ عُمَرُ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارَ فَاخْتَلَفُوا عَلَيْهِ، فَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ: أَنْتَ قَدْ جِئْتَ لِأَمْرٍ فَلَا تَرْجِعْ عَنْهُ.
وَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ: لَا نَرَى أَنْ تَقْدَمَ بِوُجُوهِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذَا الْوَبَاءِ.
فَيُقَالُ إِنَّ عُمَرَ أَمَرَ النَّاسِ بِالرُّجُوعِ مِنَ الْغَدِ.
فَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: أَفِرَارًا مَنْ قَدَرِ اللَّهِ؟ قَالَ: نَعَمْ! نَفِرُّ مَنْ قَدَرِ اللَّهِ إِلَى قَدَرِ اللَّهِ، أَرَأَيْتَ لَوْ هَبَطْتَ وَادِيًا ذَا
عُدْوَتَيْنِ إِحْدَاهُمَا مُخْصِبَةٌ وَالْأُخْرَى مُجْدِبَةٌ، فَإِنْ رَعَيْتَ الْخِصْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ، وَإِنْ أَنْتَ رَعَيْتَ الْجَدْبَةَ رَعَيْتَهَا بِقَدَرِ اللَّهِ؟ ثُمَّ قَالَ لَوْ غَيْرُكَ يَقُولُهَا يَا أَبَا عُبَيْدَةَ.
قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ فِي رِوَايَتِهِ وَهُوَ فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ: وَكَانَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ مُتَغَيِّبًا فِي بَعْضِ شَأْنِهِ، فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ: إِنَّ عِنْدِي مِنْ ذَلِكَ عِلماً، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ قومٍ فَلَا تَقْدَمُوا عَلَيْهِ، وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ فيها فلا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ [2] .
فَحَمِدَ اللَّهَ عُمَرُ - يَعْنِي لِكَوْنِهِ وَافَقَ رَأْيَهُ - وَرَجَعَ بِالنَّاسِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: ثَنَا وَكِيعٌ، ثَنَا سُفْيَانُ بن حسين ابن أَبِي ثَابِتٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ سَعْدِ بْنِ مَالِكِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَخُزَيْمَةَ بن ثابت وأسامة ابن زَيْدٍ قَالُوا: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " إِنَّ هَذَا الطَّاعُونَ رجزٌ وَبَقِيَّةُ عَذَابٍ عُذِّبَ بِهِ قَوْمٌ قَبْلَكُمْ، فَإِذَا وَقَعَ بأرض أنتم فيها فَلَا تَخْرُجُوا مِنْهَا فِرَارًا مِنْهُ، وَإِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ بِأَرْضٍ فَلَا تَدْخُلُوا عَلَيْهِ [3] " وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ويحيى بن سعيد عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ بِهِ.
قَالَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ: كَانَ الْوَبَاءُ قَدْ وَقَعَ بالشام في المحرم من هذه السنة ثُمَّ ارْتَفَعَ، وَكَأَنَّ سَيْفًا يَعْتَقِدُ أَنَّ هَذَا الْوَبَاءَ هُوَ طَاعُونُ عَمَوَاسَ، الَّذِي هَلَكَ فِيهِ خَلْقٌ مِنَ الْأُمَرَاءِ وَوُجُوهِ الْمُسْلِمِينَ، وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمَ، بَلْ طَاعُونُ عَمَوَاسَ مِنَ السَّنَةِ الْمُسْتَقْبَلَةِ بَعْدَ هَذِهِ، كَمَا سَنُبَيِّنُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَذَكَرَ سَيْفُ بْنُ عُمَرَ: أَنَّ أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ كَانَ قَدْ عَزَمَ عَلَى أَنْ يَطُوفَ الْبُلْدَانَ، وَيَزُورَ الْأُمَرَاءَ، وَيَنْظُرَ فِيمَا اعتقدوه وَمَا آثَرُوا مِنَ الْخَيْرِ، فَاخْتَلَفَ عَلَيْهِ الصَّحَابَةُ فَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ ابْدَأْ بِالْعِرَاقِ، وَمِنْ قَائِلٍ يَقُولُ بِالشَّامِ.
فَعَزَمَ عُمَرُ عَلَى قُدُومِ الشَّامِ لِأَجْلِ قَسْمِ مَوَارِيثِ مَنْ مَاتَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي طَاعُونِ عَمَوَاسَ، فَإِنَّهُ أَشْكَلَ قَسْمُهَا عَلَى الْمُسْلِمِينَ بِالشَّامِ فَعَزَمَ عَلَى ذَلِكَ.
وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ عُمَرَ عَزَمَ عَلَى قُدُومِ الشَّامِ بَعْدَ طَاعُونِ عَمَوَاسَ، وَقَدْ كَانَ الطَّاعُونُ فِي سَنَةِ ثَمَانِي عَشْرَةَ كَمَا سَيَأْتِي، فَهُوَ قُدُومٌ آخَرُ غير قدوم سرع.
وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قَالَ سَيْفٌ عَنْ أَبِي عُثْمَانَ وَأَبِي حَارِثَةَ وَالرَّبِيعِ بْنِ النُّعْمَانِ قَالُوا: قَالَ عمر: ضاعت مواريث

[1] في الطبري: شرحبيل بن حسنة بدل خالد.
[2] أخرجه البخاري في الانبياء 54 وفي الحيل 13، ومالك في الموطأ في المدينة 22، 23، 24.
[3] أخرجه الإمام أحمد في مسنده ج 1 / 182 و 4 / 195.
(*)
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 7  صفحة : 89
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست