responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 7  صفحة : 44
الْفَارِسِيَّ.
وَجَعَلَ الْكَاتِبَ زِيَادَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ.
قَالُوا: وَكَانَ فِي هَذَا الْجَيْشِ كُلِّهُ مِنَ الصحابة ثلثمائة وَبِضْعَةَ عَشَرَ صَحَابِيًّا، مِنْهُمْ بِضْعَةٌ وَسَبْعُونَ بَدْرِيًّا، وَكَانَ فِيهِ سَبْعُمِائَةٍ مِنْ أَبْنَاءِ الصَّحَابَةِ رِضَى اللَّهِ عَنْهُمْ.
وَبَعَثَ عُمَرُ كِتَابَهُ إِلَى سَعْدٍ يَأْمُرُهُ بِالْمُبَادَرَةِ إِلَى الْقَادِسِيَّةِ، وَالْقَادِسِيَّةُ بَابُ فَارِسَ في الجاهلية، وأن يكون بَيْنَ الْحَجَرِ وَالْمَدَرِ، وَأَنْ يَأْخُذَ الطُّرُقَ وَالْمَسَالِكَ عَلَى فَارِسَ، وَأَنْ يَبْدُرُوهُمْ بِالضَّرْبِ وَالشِّدَّةِ، وَلَا يَهُولَنَّكَ كَثْرَةُ عَدَدِهم وعُدَدِهم، فَإِنَّهُمْ قَوْمٌ خَدَعَةٌ مكرة، وإن أنتم صبرتم وأحسنتم وَنَوَيْتُمُ الْأَمَانَةَ رَجَوْتُ أَنْ تُنْصَرُوا عَلَيْهِمْ، ثُمَّ لَمْ يَجْتَمِعْ لَهُمْ شَمْلُهُمْ أَبَدًا إِلَّا أَنْ يَجْتَمِعُوا، وَلَيْسَتْ مَعَهُمْ قُلُوبُهُمْ.
وَإِنْ كَانَتِ الْأُخْرَى فَارْجِعُوا إِلَى مَا وَرَاءَكُمْ حَتَّى تَصِلُوا إِلَى الْحَجَرِ فَإِنَّكُمْ عَلَيْهِ أَجْرَأُ، وَإِنَّهُمْ عَنْهُ أَجْبَنُ وَبِهِ أَجْهَلُ، حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِالْفَتْحِ عَلَيْهِمْ وَيَرُدَّ لَكُمُ الْكَرَةَ.
وَأَمَرَهُ بِمُحَاسَبَةِ نَفْسِهِ وَمَوْعِظَةِ جَيْشِهِ، وَأَمَرَهُمْ بِالنِّيَّةِ الْحَسَنَةِ وَالصَّبْرِ فَإِنَّ النَّصْرَ [1] يَأْتِي منَّ اللَّهِ عَلَى قَدْرِ النِّيَّةِ، وَالْأَجْرَ عَلَى قَدْرِ الْحِسْبَةِ، وَسَلُوا اللَّهَ الْعَافِيَةَ، وَأَكْثِرُوا مِنْ قَوْلِ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ
الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ، وَاكْتُبْ إِلَيَّ بِجَمِيعِ أَحْوَالِكُمْ وَتَفَاصِيلِهَا، وَكَيْفَ تَنْزِلُونَ وَأَيْنَ يَكُونُ مِنْكُمْ عَدُوُّكُمْ، وَاجْعَلْنِي بِكُتُبِكَ إِلَيَّ كَأَنِّي أَنْظُرُ إِلَيْكُمْ، وَاجْعَلْنِي مِنْ أَمَرِكُمْ عَلَى الجلية، وخف الله وأرجه ولا تدل بشئ، وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ قَدْ تَوَكَّلَ لِهَذَا الْأَمْرِ بِمَا لَا خُلْفَ لَهُ، فَاحْذَرْ أَنْ يَصْرِفَهُ عَنْكَ وَيَسْتَبْدِلَ بِكُمْ غَيْرَكُمْ.
فَكَتَبَ إِلَيْهِ سَعْدٌ يَصِفُ لَهُ كَيْفِيَّةَ تِلْكَ الْمَنَازِلِ وَالْأَرَاضِي بِحَيْثُ كَأَنَّهُ يُشَاهِدُهَا، وَكَتَبَ إِلَيْهِ يُخْبِرُهُ بِأَنَّ الْفُرْسَ قَدْ جَرَّدُوا لِحَرْبِهِ رُسْتُمَ وَأَمْثَالَهُ، فَهُمْ يَطْلُبُونَنَا وَنَحْنُ نَطْلُبُهُمْ، وَأَمْرُ اللَّهِ بَعْدُ مَاضٍ، وَقَضَاؤُهُ مسلم، إِلَى مَا قَدَّرَ لَنَا وَعَلَيْنَا، فَنَسْأَلُ اللَّهَ خَيْرَ الْقَضَاءِ وَخَيْرَ الْقَدْرِ فِي عَافِيَةٍ.
وَكَتَبَ إِلَيْهِ عُمَرُ: قَدْ جَاءَنِي كِتَابُكَ وَفَهِمْتُهُ، فَإِذَا لَقِيتَ عَدُوَّكَ وَمَنَحَكَ اللَّهُ أَدْبَارَهُمْ، فَإِنَّهُ قَدْ أُلْقِيَ فِي رَوْعِي أَنَّكُمْ سَتَهْزِمُونَهُمْ فَلَا تَشُكَّنَّ فِي ذَلِكَ، فَإِذَا هَزَمْتَهُمْ فَلَا تَنْزِعْ عَنْهُمْ حَتَّى تَقْتَحِمَ عَلَيْهِمُ الْمَدَائِنَ فَإِنَّهُ خَرَابُهَا إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَجَعَلَ عُمَرُ يَدْعُو لِسَعْدٍ خَاصَّةً وَلَهُ وَلِلْمُسْلِمِينَ عَامَّةً.
وَلَمَّا بَلَغَ سَعْدٌ العُذيب اعترض للمسلمين جيش للفرس مع شيرزاد بن أراذويه، فَغَنِمُوا مِمَّا مَعَهُ شَيْئًا كَثِيرًا وَوَقَعَ مِنْهُمْ مَوْقِعًا كَبِيرًا، فَخَمَّسَهَا سَعْدٌ وَقَسَمَ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِهَا فِي النَّاسِ وَاسْتَبْشَرَ النَّاسُ بِذَلِكَ وَفَرِحُوا، وَتَفَاءَلُوا، وَأَفْرَدَ سَعْدٌ سَرِيَّةً تَكُونُ حِيَاطَةً لِمَنْ مَعَهُمْ مِنَ الْحَرِيمِ، عَلَى هَذِهِ السَّرِيَّةِ غَالِبُ بْنُ عبد الله الليثي.
غَزْوَةِ الْقَادِسِيَّةِ ثُمَّ سَارَ سَعْدٌ فَنَزَلَ الْقَادِسِيَّةَ، وَبَثَّ سَرَايَاهُ، وَأَقَامَ بِهَا شَهْرًا لَمْ يَرَ أَحَدًا مِنَ الْفُرْسِ، فَكَتَبَ إِلَى عُمَرَ بِذَلِكَ، وَالسَّرَايَا تَأْتِي بِالْمِيرَةِ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ.
فَعَجَّتْ رعايا الفرس من أطراف بلادهم إلى

[1] في الطبري: المعونة.
(*)
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 7  صفحة : 44
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست