responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 7  صفحة : 32
ذَلِكَ، فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَكْرَهُونَ قِتَالَ الْفُرْسِ لِقُوَّةِ سَطْوَتِهِمْ، وَشِدَّةِ قِتَالِهِمْ.
ثُمَّ نَدَبَهُمْ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي وَالثَّالِثِ فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ وَتَكَلَّمَ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ فَأَحْسَنَ، وَأَخْبَرَهُمْ بِمَا فَتَحَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى يَدَيْ خالد من معظم أرض العراق، ومالهم هناك مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَمْلَاكِ وَالْأَمْتِعَةِ وَالزَّادِ، فَلَمْ يَقُمْ أَحَدٌ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ فَلَمَّا كَانَ الْيَوْمُ الرَّابِعُ كَانَ أَوَّلَ مَنِ انْتَدَبَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ أبو عبيد بْنُ مَسْعُودٍ الثَّقَفِيُّ ثُمَّ تَتَابَعَ النَّاسُ فِي الإجابة، أمر عُمَرُ طَائِفَةً مِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَأَمَّرَ عَلَى الْجَمِيعِ أَبَا عُبَيْدٍ) ، هَذَا وَلَمْ يَكُنْ صَحَابِيًّا، فَقِيلَ لِعُمَرَ: هَلَّا أَمَرْتَ عَلَيْهِمْ رَجُلًا مِنَ الصحابة؟ فقال: إنما أومر أَوَّلَ مَنِ اسْتَجَابَ، إِنَّكُمْ إِنَّمَا سَبَقْتُمُ النَّاسَ بِنُصْرَةِ هَذَا الدِّينِ، وَإِنَّ هَذَا هُوَ الَّذِي اسْتَجَابَ قَبْلَكُمْ.
ثُمَّ دَعَاهُ فَوَصَّاهُ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ بِتَقْوَى اللَّهِ وَبِمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِمِينَ خَيْرًا، وَأَمَرَهُ أَنْ يَسْتَشِيرَ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَأَنْ يَسْتَشِيرَ سَلِيطَ بْنَ قَيْسٍ فَإِنَّهُ رَجُلٌ بَاشَرَ الْحُرُوبَ فَسَارَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى أَرْضِ الْعِرَاقِ وَهُمْ سَبْعَةُ آلَافِ رَجُلٍ [1] ، وَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى أَبِي عُبَيْدَةَ أَنْ يُرْسِلَ مَنْ كَانَ بِالْعِرَاقِ مِمَّنْ قَدِمَ مَعَ خَالِدٍ إِلَى الْعِرَاقِ فَجَهَّزَ عَشَرَةَ آلَافٍ عَلَيْهِمْ هَاشِمُ بْنُ عُتْبَةَ وَأَرْسَلَ عُمَرُ جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيَّ فِي أَرْبَعَةِ آلَافٍ [2] إِلَى الْعِرَاقِ فَقَدِمَ الْكُوفَةَ ثُمَّ خَرَجَ مِنْهَا فَوَاقَعَ هِرَقْرَانَ الْمَدَارَ فَقَتَلَهُ وَانْهَزَمَ جَيْشُهُ وَغَرِقَ أَكْثَرُهُمْ فِي دِجْلَةَ فَلَمَّا وَصَلَ النَّاسُ إِلَى الْعِرَاقِ وَجَدُوا الْفُرْسَ مُضْطَرِبِينَ فِي مُلْكِهِمْ، وَآخِرُ مَا اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ أَمْرُهُمْ أَنْ مَلَّكُوا عَلَيْهِمْ " بُورَانَ " بنت كسرى بعد ما قَتَلُوا الَّتِي كَانَتْ قَبْلَهَا " آزَرْمِيدُخْتَ " وَفَوَّضَتْ بُورَانُ أَمْرَ الْمُلْكِ عَشْرَ سِنِينَ إِلَى رَجُلٍ مِنْهُمْ يُقَالُ لَهُ رُسْتُمُ بْنُ فَرُّخْزَاذَ عَلَى أَنْ يَقُومَ بِأَمْرِ الْحَرْبِ، ثُمَّ يَصِيرُ الْمُلْكُ إِلَى آلِ كِسْرَى فَقَبِلَ ذَلِكَ.
وَكَانَ رُسْتُمُ هَذَا مُنَجِّمًا يَعْرِفُ النُّجُومَ وَعِلْمَهَا جَيِّدًا، فَقِيلَ لَهُ: مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ يَعْنُونَ وَأَنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَتِمُّ لَكَ فَقَالَ: الطَّمَعُ وَحُبُّ الشَّرَفِ [3] .
وَقْعَةُ النَّمَارِقِ بَعَثَ رُسْتُمُ أَمِيرًا يُقَالُ لَهُ " جَابَانُ " وَعَلَى مُجَنِّبَتَيْهِ رَجُلَانِ يقال لأحدهما " حشنس ماه " ويقال للآخر " مردانشاه " وهو خصي أَمِيرِ حَاجِبِ الْفُرْسِ، فَالْتَقَوْا مَعَ أَبِي عُبَيْدٍ بِمَكَانٍ يُقَالُ لَهُ النَّمَارِقُ، - بَيْنَ الْحِيرَةِ وَالْقَادِسِيَّةِ - وَعَلَى الْخَيْلِ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ، وَعَلَى الْمَيْسَرَةِ عَمْرُو بْنُ الْهَيْثَمِ [4] فَاقْتَتَلُوا هُنَالِكَ قِتَالًا شَدِيدًا وهزم الله الفرس وأسر جابان ومردانشاه.
فأما مردانشاه فَإِنَّهُ قَتَلَهُ الَّذِي أَسَرَهُ [5] ، وَأَمَّا جَابَانُ فَإِنَّهُ خَدَعَ الَّذِي أَسَرَهُ [6] حَتَّى أَطْلَقَهُ فَأَمْسَكَهُ الْمُسْلِمُونَ وأبوا أن يطلقوه،

[1] في فتوح ابن الاعثم: أربعة آلاف.
[2] في ابن الاعثم: في سبعمائة.
[3] الخبر في الطبري 4 / 62 - 64.
[4] زاد الطبري: وعلى ميمنته والق بن جيدارة.
[5] في الطبري: أسره أكتل بن شماخ العكلي.
[6] أسر جابان مطر بن فضة التيمي.
وكان يدعى بأمه، وقد هم مطر بذبحه فقال جابان من تحته: لا إله إلا الله (*)
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 7  صفحة : 32
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست