responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 7  صفحة : 318
الناس إلى الخروج إلى الجهاد في أهل الشام [1] ، وعين لهم يوم الاثنين يخرجون فيه، وندب إِلَى ابْنِ عبَّاس وَالِى الْبَصْرَةِ يَسْتَنْفِرُ لَهُ النَّاسَ إِلَى الْخُرُوجِ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ، وَكَتَبَ إِلَى الْخَوَارِجِ يُعْلِمُهُمْ أَنَّ الَّذِي حَكَمَ بِهِ الْحَكَمَانِ مَرْدُودٌ عَلَيْهِمَا، وَأَنَّهُ قَدْ عَزَمَ عَلَى الذهاب إلى الشَّامِ، فَهَلُمُّوا حَتَّى نَجْتَمِعَ عَلَى قِتَالِهِمْ [2] .
فَكَتَبُوا إِلَيْهِ: أَمَّا بَعْدُ فَإِنَّكَ لَمْ تَغْضَبْ لِرَبِّكَ، وَإِنَّمَا غَضِبْتَ لِنَفْسِكَ وَإِنْ شَهِدَتْ عَلَى نَفْسِكَ بِالْكُفْرِ وَاسْتَقْبَلْتَ التَّوْبَةَ نَظَرْنَا فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكَ، وَإِلَّا فَقَدَ نَابَذْنَاكَ عَلَى سَوَاءٍ * (إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) * [الأنفال: 58] ، فَلَمَّا قَرَأَ عَلِيٌّ كَتَابَهُمْ يَئِسَ مِنْهُمْ وَعَزَمَ عَلَى الذَّهَابِ إِلَى أَهْلِ الشَّامِ لِيُنَاجِزَهُمْ، وَخَرَجَ مِنَ الْكُوفَةِ إِلَى النُّخَيْلَةِ فِي عَسْكَرٍ كَثِيفٍ - خَمْسَةٍ وَسِتِّينَ أَلْفًا - وَبَعَثَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ وَمِائَتَيْ فَارِسٍ مِنْ أَهْلِ الْبَصْرَةِ مَعَ جَارِيَةَ بْنِ قدامة ألف وخمسمائة، ومع أبي الأسود الدؤلي ألف وسبعمائة، فكمل جيش علي فِي ثَمَانِيَةٍ وَسِتِّينَ أَلْفَ فَارِسٍ وَمِائَتَيْ فَارِسٍ وقام علي أمير المؤمنين خطيباً: فحثهم على الجهاد والصبر عند لقاء العدو، وهو عازم على الشام، فبينما هو كذلك إِذْ بَلَغَهُ أَنَّ الْخَوَارِجَ قَدْ عَاثُوا فِي الأرض فساداً وسفكوا الدماء وقطعوا السبل وَاسْتَحَلُّوا الْمَحَارِمَ، وَكَانَ مِنْ جُمْلَةِ مَنْ قَتَلُوهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَسَرُوهُ وَامْرَأَتَهُ مَعَهُ وهي حامل فقالوا: من أنت؟ قال: أَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ خَبَّابٍ صَاحِبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وإنكم قَدْ رَوَّعْتُمُونِي فَقَالُوا: لَا بَأْسَ عَلَيْكَ، حَدِّثْنَا مَا سَمِعْتَ مِنْ أَبِيكَ فَقَالَ: سَمِعْتُ أَبِي يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " سَتَكُونُ فِتْنَةٌ الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خَيْرٌ مِنَ السَّاعي " [3] فاقتادوه بيده فبينما ههو يَسِيرُ مَعَهُمْ إِذْ لَقِيَ بَعْضُهُمْ خِنْزِيرًا
لِبَعْضِ أهل الذمة فضربه بعضهم فَشَقَّ جِلْدَهُ فَقَالَ لَهُ آخَرُ: لِمَ فَعَلْتَ هَذَا وَهُوَ لِذِمِّيٍّ؟ فَذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ الذِّمِّيِّ فاستحله وأرضاه وبينا هُوَ مَعَهُمْ إِذْ سَقَطَتْ تَمْرَةٌ مِنْ نَخْلَةٍ فَأَخَذَهَا أَحَدُهُمْ فَأَلْقَاهَا فِي فَمِهِ، فَقَالَ لَهُ آخَرُ: بِغَيْرِ إِذْنٍ وَلَا ثَمَنٍ؟ فَأَلْقَاهَا ذَاكَ مِنْ فَمِهِ، وَمَعَ هَذَا قَدَّمُوا عَبْدَ اللَّهِ بن خباب فذبحوه، وجاؤوا إِلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَتْ: إِنِّي امْرَأَةٌ حُبْلَى، أَلَا تتقون الله، فَذَبَحُوهَا وَبَقَرُوا بَطْنَهَا عَنْ وَلَدِهَا، فَلَمَّا بَلَغَ النَّاسَ هَذَا مِنْ صَنِيعِهِمْ خَافُوا إِنْ هُمْ ذهبوا إلى الشام واشتغلوا بقتال أهله أن يخلفهم هؤلاء في ذراريهم وديارهم بهذا الصنع، فَخَافُوا غَائِلَتَهُمْ، وَأَشَارُوا عَلَى عَلِيٍّ بِأَنْ يَبْدَأَ بهؤلاء، ثم إذا فرغ منهم ذهب إلى أهل الشام بعد ذلك والناس آمنون من شر هؤلاء فَاجْتَمَعَ الرَّأْيُ عَلَى هَذَا وَفِيهِ خِيَرَةٌ عَظِيمَةٌ لهم ولأهل الشام أيضاً فأرسل علي إلى الخوارج رسولاً من جهته وهو الحرث بن مرة العبدي، فقال: اخْبُرْ لِي خَبَرَهُمْ، وَاعْلَمْ لِي أَمْرَهُمْ وَاكْتُبْ إليّ به على

[1] الخطبة في الطبري 6 / 43 - 44 وبمعناها في مروج الذهب 3 / 446 ووردت في الفتوح لابن الاعثم 4 / 102 - 103 وفي البيان والتبيين للجاحظ 2 / 54 بألفاظ مختلفة فلتراجع هناك.
[2] انظر كتابه في الاخبار الطوال ص 206.
والطبري 6 / 44 وفي الفتوح لابن الاعثم: كتاب مطول من علي ج 4 / 106.
[3] الطبري 6 / 46 وطبقات ابن سعد 5 / 182 وشرح النهج لابن أبي الحديد 2 / 28 والكامل للمبرد ص 560.
(*)
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 7  صفحة : 318
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست