responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 7  صفحة : 243
قِرَاءَةِ الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِرَاقِ، مِمَّنْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَجَعَلَ مَنْ لَا يَعْلَمُ بِسَوَغَانِ الْقِرَاءَةِ عَلَى سَبْعَةِ أحرف، يفضل قراءته عَلَى قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَجَعَلَ مَنْ لَا يَعْلَمُ بِسَوَغَانِ الْقِرَاءَةِ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ، يُفَضِّلُ قِرَاءَتَهُ عَلَى قِرَاءَةِ غَيْرِهِ، وَرُبَّمَا خَطَّأَ الْآخَرَ أَوْ كَفَّرَهُ، فَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى اخْتِلَافٍ شَدِيدٍ، وَانْتِشَارٍ فِي الْكَلَامِ السئ بَيْنَ النَّاسِ، فَرَكِبَ حُذَيْفَةُ إِلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ تَخْتَلِفَ فِي كِتَابِهَا كَاخْتِلَافِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي كُتُبِهِمْ.
وَذَكَرَ لَهُ مَا شَاهَدَ مِنَ اخْتِلَافِ النَّاس فِي الْقِرَاءَةِ، فَعِنْدَ ذَلِكَ جَمَعَ عُثْمَانُ الصَّحَابَةَ وَشَاوَرَهُمْ فِي ذَلِكَ، وَرَأَى أَنْ يَكْتُبَ الْمُصْحَفَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ، وَأَنْ يَجْمَعَ النَّاسَ فِي سَائِرِ الْأَقَالِيمِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِهِ، دُونَ مَا سِوَاهُ، لِمَا رَأَى فِي ذَلِكَ مِنْ مَصْلَحَةِ كَفِّ الْمُنَازَعَةِ، وَدَفْعِ الِاخْتِلَافِ، فَاسْتَدْعَى بِالصُّحُفِ الَّتِي كَانَ الصِّدِّيقُ أَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثابت بجمعها، فكانت عِنْدَ الصِّدِّيقِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ، ثُمَّ كَانَتْ عِنْدَ عُمَرَ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ صَارَتْ إِلَى حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ، فَاسْتَدْعَى بِهَا عُثْمَانُ وَأَمَرَ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ أَنْ يَكْتُبَ وَأَنْ يُمْلِيَ عَلَيْهِ سَعِيدُ بْنُ
الْعَاصِ الْأُمَوِيُّ، بِحَضْرَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْأَسَدِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ، وَأَمَرَهُمْ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شئ أَنْ يَكْتُبُوهُ بِلُغَةِ قُرَيْشٍ، فَكَتَبَ لِأَهْلِ الشَّامِ مُصْحَفًا، وَلِأَهْلِ مِصْرَ آخَرَ، وَبَعَثَ إِلَى الْبَصْرَةِ مُصْحَفًا وَإِلَى الْكُوفَةِ بِآخَرَ، وَأَرْسَلَ إِلَى مَكَّةَ مُصْحَفًا وَإِلَى الْيَمَنِ مِثْلَهُ، وَأَقَرَّ بِالْمَدِينَةِ مُصْحَفًا.
وَيُقَالُ لِهَذِهِ الْمَصَاحِفِ الْأَئِمَّةُ، وَلَيْسَتْ كُلُّهَا بِخَطِّ عُثْمَانَ، بَلْ وَلَا وَاحِدٌ مِنْهَا، وَإِنَّمَا هِيَ بِخَطِّ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهَا الْمَصَاحِفُ الْعُثْمَانِيَّةُ نِسْبَةً إِلَى أَمْرِهِ وَزَمَانِهِ، وَإِمَارَتِهِ، كَمَا يُقَالُ دِينَارٌ هِرَقْلِيُّ، أَيْ ضُرِبَ فِي زمانه ودولته.
قال الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ.
وَرَوَاهُ غَيْرُهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: " لَمَّا نَسَخَ عُثْمَانُ الْمَصَاحِفَ دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو هُرَيْرَةَ فَقَالَ: أَصَبْتَ وَوُفِّقْتَ، أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " إن أنشد أُمَّتِي حبَّاً لِي قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي، يَعْمَلُونَ بِمَا فِي الْوَرَقِ الْمُعَلَّقِ [1] " فَقُلْتُ: أَيُّ وَرَقٍ؟ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَصَاحِفَ، قَالَ: فَأَعْجَبَ ذَلِكَ عُثْمَانَ وَأَمَرَ لِأَبِي هُرَيْرَةَ بِعَشَرَةِ آلَافٍ، وَقَالَ: وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّكَ لَتَحْبِسُ عَلَيْنَا حَدِيثَ نَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "، ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بَقِيَّةِ الْمَصَاحِفِ الَّتِي بِأَيْدِي النَّاسِ مِمَّا يُخَالِفُ مَا كَتَبَهُ فَحَرَقَهُ، لِئَلَّا يَقَعَ بِسَبَبِهِ اخْتِلَافٌ، فَقَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ - فِي كِتَابِ الْمَصَاحِفِ - حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَا: ثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ عَنْ رَجُلٍ عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ: قَالَ لِي عَلِيٌّ حِينَ حَرَقَ عُثْمَانُ الْمَصَاحِفَ: لَوْ لَمْ يَصْنَعْهُ هُوَ لَصَنَعْتُهُ [2] " وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ وَعَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ عَنْ شُعْبَةَ مِثْلَهُ، وَقَدْ رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ - زوج أخت حسين - عن

[1] روى البيهقي في الدلائل 6 / 538 عن أبي صالح حديثا مرسلا بنحوه.
ورورى نحوه عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جده، وروي موصولا عن سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسِ.
[2] كتاب المصاحف ص 19.
(*)
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 7  صفحة : 243
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست