responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 5
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الاول والآخر، الباطن الظاهر، الذي هو بكل شئ عليم، الأول فليس قبله شئ، الآخر فليس بعده شئ، الظاهر فليس فوقه شئ الباطن، فليس دونه شئ، الأزلي القديم الذي لم يزل موجوداً بِصِفَاتِ الْكَمَالِ، وَلَا يَزَالُ دَائِمًا مُسْتَمِرًّا بَاقِيًا سَرْمَدِيًّا بِلَا انْقِضَاءٍ وَلَا انْفِصَالٍ وَلَا زَوَالٍ.
يَعْلَمُ دَبِيبَ النَّمْلَةِ السَّوْدَاءِ، عَلَى الصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ، فِي اللَّيْلَةِ الظَّلْمَاءِ، وَعَدَدَ الرِّمَالِ.
وَهُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ، الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ الَّذِي خَلَقَ كُلَّ شئ فقدره تقديراً.
ورفع السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ، وَزَيَّنَهَا بِالْكَوَاكِبِ الزَّاهِرَاتِ، وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا وسوَّى فَوْقَهُنَّ سَرِيرًا، شَرْجَعًا عالياً منيفاً متسعاً مقبياً مستديراً.
وهو الْعَرْشُ الْعَظِيمُ - لَهُ قَوَائِمُ عِظَامٌ، تَحْمِلُهُ الْمَلَائِكَةُ الْكِرَامُ، وتحفُّه الْكَرُوبِيُّونَ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَلَهُمْ زجل بالتقديس
والتعظيم.
وكذا أرجاء السموات مَشْحُونَةٌ بِالْمَلَائِكَةِ، وَيَفِدُ مِنْهُمْ فِي كُلِّ يَوْمٍ سبعون ألفاً إلى البيت المعمور بالسماء الرابعة لَا يَعُودُونَ إِلَيْهِ، آخِرَ مَا عَلَيْهِمْ فِي تَهْلِيلٍ وَتَحْمِيدٍ وَتَكْبِيرٍ وَصَلَاةٍ وَتَسْلِيمٍ.
وَوَضَعَ الْأَرْضَ لِلْأَنَامِ عَلَى تَيَّارِ الْمَاءِ.
وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا في أربعة أيام قَبْلَ خَلْقِ السَّمَاءِ، وَأَنْبَتَ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ، دَلَالَةً لِلْأَلِبَّاءِ مِنْ جَمِيعِ مَا يَحْتَاجُ الْعِبَادُ إِلَيْهِ فِي شِتَائِهِمْ وَصَيْفِهِمْ، وَلِكُلِّ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ وَيَمْلِكُونَهُ مِنْ حَيَوَانٍ بَهِيمٍ.
وَبَدَأَ خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ طِينٍ، وَجَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلَالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ، فِي قَرَارٍ مَكِينٍ.
فَجَعَلَهُ سَمِيعًا بَصِيرًا، بَعْدَ أَنْ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا.
وَشَرَّفَهُ بِالْعِلْمِ وَالتَّعْلِيمِ.
خَلَقَ بِيَدِهِ الْكَرِيمَةِ آدَمَ أَبَا الْبَشَرِ، وَصَوَّرَ جُثَّتَهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَأَسْجَدَ لَهُ مَلَائِكَتَهُ، وَخَلَقَ مِنْهُ زَوْجَهُ حَوَّاءَ أُمَّ الْبَشَرِ فَآنَسَ بها وحدته، وأسكنهما جَنَّتَهُ، وَأَسْبَغَ عَلَيْهِمَا نِعْمَتَهُ.
ثُمَّ أَهْبَطَهُمَا إِلَى الْأَرْضِ لِمَا سَبَقَ فِي ذَلِكَ مِنْ حِكْمَةِ الْحَكِيمِ.
وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً، وقسَّمهم بِقَدَرِهِ الْعَظِيمِ مُلُوكًا وَرُعَاةً، وَفُقَرَاءَ وَأَغْنِيَاءَ، وَأَحْرَارًا وَعَبِيدًا، وَحَرَائِرَ وَإِمَاءً.
وَأَسْكَنَهُمْ أَرْجَاءَ الْأَرْضِ، طُولَهَا والعرض، وجعلهم
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 5
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست