responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 322
الْخَوْفَ، وَأَلْقَاهُمْ فِي التِّيهِ، يَسِيرُونَ وَيَحِلُّونَ وَيَرْتَحِلُونَ وَيَذْهَبُونَ وَيَجِيئُونَ، فِي مُدَّةٍ مِنَ السِّنِينَ طَوِيلَةٍ هِيَ مِنَ الْعَدَدِ أَرْبَعُونَ.
كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ يَا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِيَاءَ وَجَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَآتَاكُمْ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعَالَمِينَ.
يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا
قَوْماً جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ.
قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَداً مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فقاتلا إنا ههنا قَاعِدُونَ.
قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ.
قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ) [الْمَائِدَةِ: 20 - 26] يُذَكِّرُهُمْ نَبِيُّ اللَّهِ نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْهِمْ، إِحْسَانَهُ عَلَيْهِمْ بِالنِّعَمِ الدِّينِيَّةِ وَالدُّنْيَوِيَّةِ، وَيَأْمُرُهُمْ بِالْجِهَادِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَمُقَاتَلَةِ أَعْدَائِهِ فَقَالَ (يَا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ [1] الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَرْتَدُّوا عَلَى أَدْبَارِكُمْ) أَيْ تَنْكِصُوا عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَتَنْكِلُوا عَلَى قِتَالِ أعدائكم (فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ) أَيْ فَتَخْسَرُوا بَعْدَ الرِّبْحِ وَتَنْقُصُوا بَعْدَ الْكَمَالِ (قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْماً جَبَّارِينَ) أَيْ عُتَاةً كَفَرَةً مُتَمَرِّدِينَ (وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يخرجوا فَإِنَّا دَاخِلُونَ) خَافُوا مِنْ هَؤُلَاءِ الْجَبَّارِينَ وَقَدْ عَايَنُوا هَلَاكَ فِرْعَوْنَ، وَهُوَ أَجْبَرُ مِنْ هَؤُلَاءِ وَأَشَدُّ بَأْسًا وَأَكْثَرُ جَمْعًا وَأَعْظَمُ جُنْدًا وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أنهم ملومون في هذه المقالة ومذومون عَلَى هَذِهِ الْحَالَةِ مِنَ الذِّلَّةِ عَنْ مُصَاوَلَةِ الْأَعْدَاءِ وَمُقَاوَمَةِ الْمَرَدَةِ الْأَشْقِيَاءِ.
وَقَدْ ذَكَرَ كَثِيرٌ من المفسرين ههنا آثَارًا فِيهَا مُجَازَفَاتٌ كَثِيرَةٌ بَاطِلَةٌ، يَدُلُّ الْعَقْلُ وَالنَّقْلُ عَلَى خِلَافِهَا، مِنْ أَنَّهُمْ كَانُوا أَشْكَالًا هَائِلَةً ضِخَامًا جِدًّا حَتَّى إِنَّهُمْ ذَكَرُوا أَنَّ رُسُلَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَمَّا قَدِمُوا عَلَيْهِمْ، تَلَقَّاهُمْ رَجُلٌ مِنْ رُسُلِ الْجَبَّارِينَ، فَجَعَلَ يَأْخُذُهُمْ وَاحِدًا وَاحِدًا وَيَلُفُّهُمْ فِي أَكْمَامِهِ وَحُجْزَةِ سَرَاوِيلِهِ، وَهُمُ اثْنَا عَشَرَ رَجُلًا فَجَاءَ بِهِمْ، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْ مَلِكِ الْجَبَّارِينَ، فَقَالَ: مَا هَؤُلَاءِ؟ وَلَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُمْ مِنْ بَنِي آدَمَ حَتَّى عَرَّفُوهُ وكل هذه هذيانات وخرافات لا حقيقية لَهَا [2] .
وَأَنَّ الْمَلِكَ بَعَثَ مَعَهُمْ عِنَبًا كُلُّ عِنَبَةٍ تَكْفِي الرَّجُلَ، وَشَيْئًا مِنْ ثِمَارِهِمْ لِيَعْلَمُوا ضخامة أشكالهم وهذا ليس بصحيح.
وذكروا ههنا أَنَّ عُوجَ بْنَ عُنُقَ خَرَجَ مِنْ عِنْدِ الْجَبَّارِينَ إِلَى بَنِي إسْرائِيلَ لِيُهْلِكَهُمْ وَكَانَ طُولُهُ ثَلَاثَةَ آلَافِ ذِرَاعٍ وَثَلَاثَمِائَةِ ذِرَاعٍ وَثَلَاثَةً وَثَلَاثِينَ ذِرَاعًا وَثُلْثَ ذِرَاعٍ هَكَذَا ذَكَرَهُ الْبَغَوِيُّ وَغَيْرُهُ، وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ، كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانَهُ عِنْدَ قَوْلِهِ صلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللَّهَ خَلَقَ آدم

[1] تظاهرت الاخبار في الأرض المقدسة ; قيل دمشق كانت قاعدة الجبارين ; والمقدسة: المطهرة قال قتادة: هي الشام وقال مجاهد: الطور وقال ابن زيد: اريحياء وقال الزجاج: دمشف وفلسطين وبعض الاردن.
[2] قال الالوسي: هذه الاخبار عندي كأخبار (عوج بن عوق) وهي حديث خرافة.
[*]
اسم الکتاب : البدايه والنهايه - ط احياء التراث المؤلف : ابن كثير    الجزء : 1  صفحة : 322
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست