اعلم ان له اقساما (( اولها )) اطلاق اللفظ
و ارادة شخصه , و التحقيق انه من باب ايجاد صورة الموضوع فى ذهن السامع لينتقل منه
الى نفس الموضوع , لا من باب كون اللفظ دالا على نفسه و لا مستعملا فى نفسه و ذلك
لان الحروف المتصرمة اذا صدرت عن المتكلم و تمت الكلمة و خلصت عن مقاطع فمه , يحصل
منها صورة فى ذهن السامع من قرع الهوآء و تموجه فى ناحية الصماخ حتى مير , عن الحس
المشترك و الخيال و يصل الى النفس , و ليس الموجود فيها عين الموجود فى عالم
الخارج عينا و شخصا و الا لا نقلب الذهن خارجا و حينئذ اذا حمل عليه ما يكون من
خواص هذا اللفظ فى الخارج و قام قرينة عليه يتوجه ذهنه من الصورة المتصورة الى
اللفظ الصادر اولا .
و الحاصل ان ذاك الموجود المتصرم يوجد فى
نفس السامع ما يصير حاكيا عنه فى الان المأخر , لا كحكاية اللفظ من معناه , اذ
الصورة الذهنية للفظ لم يوضع لها ذاك اللفظ .
و ان شئت قلت : ان الانتقال فيه كالحركة
الانعطافية اذ ينتقل فيه من اللفظ الى صورة اللفظ الموجودة فى النفس و منها الى
اللفظ الخارجى و هذا بخلاف الدلالة و الاستعمال لانه ينتقل فيهما من اللفظ الى
صورته و منها الى المعنى . . . نعم لا مشاحة فى اطلاق الدلالة على الاول ايضا بجعل
اللفظ دالا بواسطة ايجاد كاشفة . و مدلولا فى الان المتأخر لانكشافه به و اما جعله
من قبيل الدلالة الوضعية بالمعنى المصطلح فغير معقول لاستلزامه اتحاد الدال و
المدلول , و التعدد الاعتبارى لا يجدى , اذ عنوان الصادرية و ما قاربها امر منتزع
بعد صدور اللفظ , فكيف يكون امرا مصححا للاستعمال الواقع قبله .
اضف الى ذلك انه يستلزم الجمع بين اللحاظين
المختلفين فى شى واحد , ضرورة ان اللفظ عند الاستعمال لا يلاحظ الا آليا , و
المعنى المراد لا يقصد الا